أوجه البلاغة في قول الله (ولكم في القصاص حياة)
في قول الله تعالى في القرآن (ولكم في القصاص حياة) فرغم أن كلماته ولفظه يسير ولكن معناه كثير كبير. ومن كونه بليغاً إشتماله على المطابقة بين المعنيين المتقابلين وهما القصاص والحياة.
|
ونجد أن من الأقوال المشهورة عند العرب، قولهم: (قتل البعض إحياء الجميع) وقولهم: (أكثروا القتل ليقل القتل) وقولهم: (القتل أنفى للقتل) .
إثبات فصاحة لفظ القرآن عن لفظ العرب
عدليمكن إثبات فصاحة لفظ القرآن عن ألفاظ العرب من عدة وجوه نذكر منها ثمانية:-
الوجه الأول
عدلأن لفظ القرآن (ولكم في القصاص حياة) مختصر أكثر من الكل لأن قوله {ولكم} لا يدخل في هذا الباب لأنه لا بد من تقدير ذلك في الكل لأن قول القائل قتل البعض إحياء للجميع لا بد فيه من تقدير مثله وكذلك في قولهم القتل أنفى للقتل , وبذلك فإن عبارة القرآن (القصاص حياة) عشرة أحرف، وأما (القتل أنفي للقتل) فأربعة عشر حرفاً و (أكثروا القتل ليقل القتل) عشرون حرفاً.[1]
الوجه الثاني
عدلأن قولهم القتل أنفى للقتل ظاهرة يقتضي كون الشيء سبباً لانتفاء نفسه بخلاف لفظ القرآن فإنه يقتضي أن نوعاً من القتل وهو القصاص سبب لنوع من أنواع الحياة.[2]
الوجه الثالث
عدلأن قولهم فيه تكرير لفظ القتل بخلاف لفظ القرآن فهي بعيدة عن الكلفة والتكلف بالتكرير دون فائدة وشاق على النفس والنطق.[2]
الوجه الرابع
عدلأن قولهم لا يفيد إلا الردع عن القتل، بخلاف لفظ القرآن فإنه يفيد الردع عن القتل والجرح فهو أفيد.[2]
الوجه الخامس
عدلأن قولهم الأجود دال على ما هو المطلوب بالتبع بخلاف لفظ القرآن فإنه دال على ما هو مقصود أصلي، لأن نفي القتل مطلوب تبعاً من حيث أنه يتضمن حصول الحياة الذي هو مطلوب أصالة.[1]
الوجه السادس
عدلالدلالة على العدل فأن القتل ظلماً أيضاً قتل مع أنه ليس بناف للقتل بخلاف القصاص فهو ناتج عن جزاء لجريمة تم أرتكابها فدل على العدل والإنصاف, فظاهر قولهم باطل وأما لفظ القرآن فصحيح ظاهراً وباطناً.[2]
الوجه السابع
عدلالترغيب والترهيب استخدام كلمة الحياة فيها ترغيب وراحة وتشويق فناسب استخدامها في العبارة بعد الترهيب بالقصاص الذي يوحي للنفس بالخوف والإشمئزاز مما يردع القاتل عن القتل.[2]
الوجه الثامن
عدلحسن لفظ القرآن بتأليف الحروف المتلائمة، وهو مدرك بالحس، وموجود في اللفظ، فإن الخروج من الفاء إلى اللام أعدل من الخروج من اللام إلى الهمزة، لبعد الهمزة من اللام، وكذلك الخروج من الصاد إلى الحاء أعدل من الخروج من الألف إلى اللام،[1]
الإستنتاج
عدلمن هذه باجتماع الأوجه الثمانية كان لفظ القرآن أبلغ وأحسن, وكذلك في القرآن كله ثبت بالدليل القاطع بلاغة القرآن مما لايستطيعة بشر ويعجز الإتيان بمثل هذه البلاغة.