الحضارة الرومانية
- عندما نتحدث عن الرومان يبادر في ذهننا دولة المدينة, إلا أن هذه دولة المدينة عكس النظام في اليونان. لقد تطور النظام الروماني سياسيا إلى ثلاثة مراحل:
- مملكة(753-510ق.م)
- عصر جمهوري(510-31ق.م)
- الإمبراطورية الرومانية(31ق.م-476م)
العصر المبكر
عدلتعتبر الحضارات الرومانية متأخرة عن معظم حضارات العالم القديم فقد يعود العصر الحجري القديم إلى 50ألف سنة ق.م أما العصر النحاسي فيرجع إلى 2000 سنة ق.م ومن الحضارات التي سبقت تأسيس مملكة روما:
- البلافيشي: تواجدت في شمال إيطاليا
- التارامارا
- الحضارة الموكينية
وبعدها دخلو في العصر الحديدي حيث نجد:
- الحضارة الإتروسكسة: قيل أنهم أبناء تيرينوس بن أتيس ملك ليديا ويرجعون أصولهم إلى الشرقيون وهناك من يسميهم التريسك وهناك من يسميهم التيرينو
تأسيس روما
عدلاختلفت الروايات نتيجة لكتابة الأسطورة بعد 500سنة من تأسيسها (753ق.م) لذا أصبحت تعج بالفكر الأسطوري وكتبها الشاعر فرجيل وسماها الإنياذة, تدور خيوط الأسطورة حول روميلوس وريموس وفي الأخير حكم روميلوس وتأسست روما على سبع تلال : البلاتين الكابيتول الأفتونين الكاكلين الأسكولين الفريمينال الكورينيال وتذكر القصة أن المستوطنية الأصلية التي قامت عليها روما البلاتين, وتنتهي الأسطورة ببداية المملكة الرومانية على يد روميلوس سنة 753ق.م
عصر الملكية (753-510 ق.م.)
عدلتأسست في هذا العصر الملكية ودولة روما في 753 ق.م. ويعتبر العلماء رومولوس مؤسس الملكية في روما وانحدر من سلالته سبعة ملوك آخرين , وفي هذا العصر توسعت روما وزاد نفوذها ودفعها هذا التوسع إلى النمو والتطور والازدهار.
ويتفق العلماء على أن هذا العصر انتهى في نهاية عام 510 ق.م. بإعلان الجمهورية وبداية عصر جديد.
عصر الجمهورية (509 ق.م. -30 ق.م.)
عدلاستمر هذا العصر أكثر من خمسة قرون وأبرز ما يميز هذا العصر هو:
- التوسع الروماني داخليا وخارجيا .
- تطور نظام الحكم عند الرومان
التوسع الروماني العسكري في الداخل وتوحيد شبه الجزيرة الإيطالية حسب تسلسل الأحداث التالي :
ضم بلاد الاتروسكان
السيطرة على بلاد الغالين شمال إيطاليا
الاستيلاء على مدن اللاتين
الحروب السمنية بين روما وسكان جبال الابنين
السيطرة على جنوب إيطاليا وسكانها الإغريق .
- التوسع العسكري الروماني في الخارج حسب تسلسل الأحداث التالي:
1. الحروب بين روما وقرطاجه وتعرف باسم (الحروب البونيه) وقضاءهم على قرطاجه (تونس اليوم)
2. السيطرة على شمال أفريقيا عدا مصر
3. إخضاع شبه جزيرة ايبريا (اسبانيا)
4. القضاء على دولة مقدونيا
5. القضاء على الإمبراطورية السلوقية في سوريا عام 64 ق.م
6. احتلال آسيا الصغرى
7. احتلال فرنسا
8. القضاء على دولة البطالمة في مصر30 ق.م.
- تطور نظام الحكم عند الرومان في العصر الجمهوري:
ينقسم المجتمع إلى طبقة النبلاء والأشراف (أقلية) وطبقة عامة الشعب وهم الأغلبية , وكان النبلاء والأشراف يتمتعون بجميع حقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية وانفرادهم بالمال والأراضي . في حين كانت طبقة عامة الشعب محرومة من هذه الحقوق, وكان الحكم عند الرومان في العصر الجمهورية يتكون من:
أ- السلطة التشريعية
ب- السلطة التنفيذية
- السلطة التشريعية تتكون من :
أ- مجلس الشيوخ أو السناتوس ومهمته:
1. إصدار القوانين
2. محاسبة القناصل
3. السياسة الخارجية وقرار الحرب
وكانت عضوية مجلس الشيوخ تتم بالإنتخاب ويتم اختيارهم من طبقة النبلاء والأشراف ويستمر عضوا في المجلس مدى الحياة .
ب- الجمعية الشعبية ومهمتها:
كانت تتمتع بنفس سلطة مجلس الشيوخ والسناتوس وكان أعضاء الجمعية الشعبية يتم انتخابهم من عامة الشعب وتستمر مدى الحياة.
- السلطة التنفيذية وتتكون من مجموعة من الوظائف وهي:
1. منصب القناصل : وهو يقابل رئيس الجمهورية , ويرأس الدولة قنصلين في وقت واحد كل واحد مدته عام فقط.
2. منصب الترابنه : وهي لجنة العسكريين تتمتع بسلطة القناصل في الظروف الحربية
3. منصب الدكتاتور : منصبا ثانويا يختار صاحبه في الحالات الطارئة ليحل محل رئيس الدولة (القنصل) ومدنه في المنصب ستة شهور فقط لا تجدد.
4. منصب البريتور : وهو صاحب السلطة القضائية
5. منصب الرقيب : وهي وظيفة مساعد القنصل
6. منصب الايديل : مهمته الأشراف على الأسعار والأسواق والمرافق .
7. منصب الكوستور: وهي وظيفة تختص بالشئون المالية وخزينة الدولة.
يتم تولي هذه المناصب عن طريق الانتخابات والوصول إليها بالتدرج من
المناصب الأقل إلى الأعلى الأكثر أهمية أي يتدرج من منصب الكسنور حتى منصب القنصل , ورئسي الدولة في مفهوم العصر الحديث , وكان العمل في هذه المناصب بدون مرتب للوظيفة لذلك الذي يتم انتخابه هم أصحاب القدرة والإمكانيات المادية مثل النبلاء والأشراف والذين كانت لديهم القدرة على شراء الأصوات في الانتخابات.
لذلك نجد أن نظام الحكم عند الرومان وضع السلطة التشريعية في يد النبلاء والأشراف وكذلك السلطة التنفيذية أصبحت في يد طبقة النبلاء والأشراف , وهكذا نجد أن القوانين الرومانية عجزت عن تحقيق التكافؤ الاجتماعي والسياسي للمواطنين من عامة الشعب في حين زاد نفوذ طبقة النبلاء والأشراف , وأن السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد طبقة النبلاء والأشراف وهم الأقلية وأن الأغلبية من عامة الشعب محرومة من هذه الحقوق , لذلك بدأت طبقة عامة الناس تطالب بهذه الحقوق واستمر الصراع بين الطبقتين أكثر من قرنين من الزمن (494 ق.م.- 387 ق.م .) وانتهى بأن أصبح لدى الرومان نظام شعبي أو ما يسمى ديمقراطي جعل لعامة الشعب والناس الحق في اختيار قنصلا عنهم وأصبح لعامة الناس الجمعية الشعبية التي لها نفس حق مجلس الشيوخ والسناتوس ولكن الحياة السياسية في روما فسدت وكذلك الحياة الاجتماعية فالأغنياء وهم النبلاء والأشراف يشترون الأصوات للوصول للوظائف التنفيذية وعضوية المجالس التشريعية وظل الحال كذلك حتى وصل إلى مرحلة الصدام المسلح والوصول إلى السلطة بالقوة العسكرية فأصبح القتل وسيلة للسلطة وحل الخلافات السياسية حتى وصل إلى حرب أهلية قضت على النظام الجمهوري . حكم روما في هذا العصر الكثير من الحكام ولكن سوف نركز على شخصية مشهورة وبارزة في هذا العصر وهو يوليوس قيصر. كان يوليوس قيصر من طبقة النبلاء والأشراف ولكنه يميل إلى مناصرة عامة الشعب وتولى جميع مناصب الدولة بالتدرج حتى وصل إلى وظيفة قنصل أو رئيس الدولة وكان معاديا لمجلس الشيوخ والسناتوس ومحبوباً من عامة الناس والجيش . وعندما انتهت فترة حكمه كقنصل رفض مجلس الشيوخ التجديد له فعاد مع جيشه وسيطر بالقوة العسكرية على روما وأصبح سيد البلاد والحاكم الغير منافس في عام 59 ق.م. , وقد أحبه الشعب لما قام به من إصلاحات وما حققه من انتصارات عسكرية .
في أوروبا وشمال إفريقيه , ومن أبرز إصلاحاته :
1. قضى على سلطة مجلس الشيوخ وحوله إلى هيئة استشارية
2. أصلح نظام الحكم في الولايات ونظام الضرائب واختار الأكفاء للمناصب
3. غير التقويم واعتمد التقويم المصري وسمى الشهر الذي ولد فيه وهو شهر يوليه باسمه , وجعل السنة تبدأ من شهر يناير .
4. سمح للجمعيات الشعبية بالاستمرار في العمل ولكن بسلطة محدودة
اغتيل يوليوس قيصر بمؤامرة من مجلس الشيوخ في عام 44 ق.م . , وأعقب اغتياله فترة من الفوضى السياسية والعسكرية, وظهرت شخصيتين عسكريتين متنافستين على السلطة وهما:
أ- القائد انطونيوس الساعد الأيمن ليوليوس قيصر
ب- القائد أوكتافيوس ابن أخت يوليوس قيصر وابنه بالتبني
واتفق القائدان الكبيران على اقتسام ممتلكات الجمهورية الرومانية :
- انطونيوس : يحكم الشرق بما فيها مصر وسوريه وآسيا الصغرى
- أوكتافيوس : يحكم إيطاليا وفرنسا وأسبانيا وشمال إفريقيه
ولكن في عام 31 ق.م . تبادل القائدان الاتهامات وصلت الاتهام بخيانة الدولة فأعلن اوكتافيوس حرباً مقدسة على انطونيوس وزوجته كليوباتره , آخر ملوك البطالمة وانتهت الحرب بإنتصار أوكتافيوس في معركة أكتيوم في مصر وضم أوكتافيوس مصر عام 30 ق.م. فأصبح أوكتافيوس سيد روما فكان هذا التاريخ نهاية عصر الجمهورية في روما وبداية عصر الإمبراطورية.
عصر الإمبراطورية الرومانية (31 ق.م – 476 ميلادية)
عدليعتبر أوكتافيوس المؤسس الحقيقي للإمبراطورية الرومانية ويرى العلماء أن الإمبراطورية الرومانية مرت بمرحلة التكوين ثم وصلت إلى أوج قوتها وعظمتها ثم بدأ في الضعف والانحدار حتى وصلت إلى الانقسام والإضمحلال . أطلق أوكتافيوس على نفسه اسم يوليوس قيصر اوكتافيوس , وعندما أعاد إلى مجلس الشيوخ اعتبارهم وأرضاهم أطلقوا عليه لقب أغسطس. ومعناها (الجليل المحترم) وقد اشتهر بهذا الاسم , ومن أبرز إصلاحاته :
1. أعاد لمجلس الشيوخ سلطتهم التشريعية
2. أسس جيشاً نظامياً بديلاً من نظام التعبئة للحرب
3. قسم الإمبراطورية إلى ولايات وقسم السلطة فيها إلى :
- الولايات المشيخية : تابعة لمجلس الشيوخ
- الولايات القنصلية : تابعة للقنصل بمعنى يتولى هو سلطتها
1. جعل مصر لأهميتها ولاية رومانية تابعة له مباشرة
2. أصبح القائد الأعلى للجيش
3. اهتم بتطوير جميع مجالات الدولة وكذلك الحياة الفكرية والثقافية ويعتبر عصره العصر الذهبي للآداب الرومانية .
4. توفى في عام 14 ميلادية فكان مولد المسيح عيسى عليه السلام في عهده
يعتبر الإمبراطور تراجان(ماركوس اوليبوس تراجانوس) من أبرز وأشهر الشخصيات في عصر الإمبراطورية وتولى الحكم في روما عام 98م وكان يعرف ببساطته وتواضعه فأحبه عامة الناس كما نظم الشئون المالية ونظام الضرائب وألغى نظام الاحتكار في التجارة لذلك تميز عهده بالرخاء والإزدهار في مختلف النواحي . قاد العديد من الحملات العسكرية في أوروبا والشرق بحيث وصلت الإمبراطورية الرومانية في عهده قمة اتساعها وازدهارها. توفى في عام 117م وترك الإمبراطورية الرومانية في أوج عظمتها وقوتها واتساعها.
بعد عصر تراجان دخلت الإمبراطورية في مرحلة الضعف وعندما تولى العرش الإمبراطور دقلديانوس عام 284 م قام بالعديد من الإصلاحات شملت النواحي الإدارية والسياسية والعسكرية والمالية في محاولة منه لحفظ الإمبراطورية في التفكك , قسم الإمبراطورية إلى أربعة وحدات سياسية :
- وحدتان سياسيتان في الشرق
- وحدتان سياسيتان في الغرب
وجعل على كل وحدة سياسية حاكم يقيم فيها , وهذا النظام الإداري ساعد بعد ذلك على شطر الإمبراطورية إلى قسمين شرقي وغربي. وتميز آخر عهده بالاضطرابات الدينية لأنه رفع مكانة الإمبراطورية إلى درجة التأليه فرفض الرومان ذلك لأن المسيحية كانت قد انتشرت بينهم وهي دين التوحيد لذلك حدثت مصادمات عنيفة مع الرافضين للفكرة فعذب وقتل الكثير منهم , وأخيرا تخلى عن العرش في عام 305 ميلادية .
بعد عصر دقلديانوس بدأت الصراعات والمنافسات بين حكام الوحدات السياسية انتهت بوجود إمبراطوريتين أحدهما في الشرق وأخرى في الغرب . وقد نجح قسطنطين الأول في أن يسيطر على الشرق عام 323 ميلادية فكان هذا التاريخ بداية الانقسام إلى إمبراطوريتين وهما :
أ- الإمبراطورية الرومانية الشرقية وعاصمتها القسطنطينية
ب- الإمبراطورية الرومانية الغربية وعاصمتها روما .
سقطت الإمبراطورية الرومانية الغربية على يد القائد الجرماني اودكر عندما احتل مدينة روما في عام 476م وكان آخر الأباطر فيها هو الإمبراطور رومولوس أغسطس ويعتبر هذا التاريخ نهاية التاريخ الروماني .
ظلت الإمبراطورية الرومانية الشرقية والتي عرفت باسم الإمبراطورية البيزنطية قائمة حتى فتحها المسلم القائد محمد الفاتح في القرن الخامس عشر الميلادي .[1]
المراجع
عدل- أ/قبايلي كهينة أستاذة محاضرة متخصصة في تاريخ الحضارات القديمة بالمدرسة العليا للأساتذة
- محاضرة تاريخ اليونان والرومان ل أ. د/ رشـاد محمـود بغـدادي
- التاريخ الروماني(الاجتماعي والإقتصادي والإداري والديني والسياسي والعسكري) ل أ.د/حسان الحلاق بيروت:دار النهضة العربية 2011
- دراسات في تاريخ وحضارة اليونان والرومان
- ↑ محاضرة تاريخ اليونان والرومان ل أ. د/ رشـاد محمـود بغـدادي