الحضارة السومرية
تمهید
عدلأسس السومريون أول حضارة في جنوب بلاد الرافدين إستنادا على مخلفات أجدادهم. استقر الإنسان في بلاد الرافدين منذ العصر الحجري القديم، فسكن الكهوف وخلف لنا أثار استدل بها العلماء لإبراز قدم المنطقة، فكهف شانيدار في شمال بلاد الرافدين ضمن منطقة جبال الزاغروس يعود إلى 50000 سنة ق.م[1] وهناك أيضا كهف هزار مرد[2]، و كهوف أخرى أرخت للعصور الحجرية القديمة[2]، كل هذا بين لنا قدم تواجد الإنسان في بلاد الرافدين، أما ما يهمنا في هذا الفصل، الحضارات التي ظهرت في العصر الحجري الحديث وبعده المعدني، حيث أن إنسان بلاد الرافدين أسس حضارات قديمة في مواقع متعددة، وكانت كل حضارة في تواصل مع جارتها، فنجده يأتي بمواد من خارج بلاده، وهذا ما يدل على وجود علاقات تجارية بينه وبين جواره الحضاري. كان لتطور صناعة الفخار دور بارز في معرفة تطور تلك الحضارات التي سبقت حضارة سومر، وقد استدل علماء الآثار على هذه المادة لتقسيم الحضارات القديمة في بلاد الرافدين إلى حقب تاريخية وهي على الترتيب:
العصر المعدني القديم (حدود 5600 سنة ق.م) (Early chalcolithic)
عدلدور تل الحسونة (شمال بلاد الرافدين)
دور سامراء (شمال بلاد الرافدين)
العصر المعدني الوسط (الألف الخامسة ق.م) (Middle chalcolithic)
عدلدور تل الحلف (شمال بلاد الرافدين)
دور العبيد الأول (أريدو) (جنوب بلاد الرافدين)
دور العبيد الثاني (الحاج محمد) (جنوب بلاد الرافدين)
العصر المعدني المتأخر (4000-3500 سنة ق.م) (Late chalcolithic)
عدلدور العبيد الثالث (جنوب بلاد الرافدين)
دور العبيد الرابع (جنوب بلاد الرافدين)
دور الوركاء (جنوب بلاد الرفدين)[3]
ذكرت الحضارات باسم المواقع التي وجدت فيها لاستحالة معرفة أسماء تلك الحضارات[4]، ومن هنا سأحاول تفصيل خصائص كل حضارة من الحضارات المذكورة آنفا:
- حضارة تل الحسونة: ينسب لموقع تل الحسونة الواقعة غرب نهر الدجلة جنوب مدينة المواصل-حاليا-ويعد هذا الموقع أقدم مواقع حضارات الميزوبرتاميا.[3] يوجد بالموقع خمس طبقات أثرية، حيث وجد من الآثار بقايا لحبوب نباتية مكربة (قمح-شعير-كتان)، وكذلك بقاية عظمية لحيوانات (أرانب، خنازير، غزلان) وهذا دليل على أن إنسان هذه الحضارة كان يعتمد على الزراعة، كما أنه دجن الحيوانات[5]، أما الصناعات هذه الحضارة فقد كان رديئة خاصة الفخار، إذ صنع من طين غير نقي، وشكله خشن يحتوي على رسومات غير ملونة.[6] وجد في هذا الموقع بعض القرى وهذا يدل على وجود صلة اجتماعية تجمع مجموعة من الأفراد في قرية واحد، كما وجد في هذا الموقع أيضا أدوات حجرية أهمها أدوات مكروليتية (قزمية) ورؤوس سهام وفؤوس حجرية وكذا مناجل من حجر الصوان، وكذا أدوات منزلية[7]، أما بالنسبة للثقافة التي وجدت عندهم من خلال الحفريات، تتمثل في تمثال صغير لامرأة كبيرة الأرداف وذات أثداء والتي تعرف ب "الآلهة-الأم" وهذا ما يدل على وجد نوع من العبادة تعرف عليها صانعوا هذه الحضارة[8]، بينما الدفن عندهم كان داخل ديارهم.[4]
- حضارة سامراء: كشف عنها منقبون ألمان فيما بين (1912-1914م) وقد أرخت هذه الحضارة إلى النصف الثاني من الألف السادسة ق.م، حيث سميت بحضارة سامراء لأن الفخار الخاص بهذه الحضارة وجد في مدينة سامراء العراقية-حاليا-إذا تعتبر هذه الحضارة مرحلة انتقالية بين حضارة تل الحسونة والتي تأتي بعدها وهي تل حلف، حيث حدث تغير طفيف في الفخار، فبعد أن كان من نوع خشن وخالي من النقوش أو الألوان، أصبح فخار ذو اللون الواحد (Monochrome) مزين برسوم هندسية وكذلك أشكال لحيوانات مثل الطيور، الأسماك، العقارب، الإيل، وبشكل قلي أشكال أدمية، أما الألوان فيستعمل اللون الأصفر والرسوم تكون بالأسود أو الأسمر، وكان صانعي هذه الحضارة يستعملون السبج (الأوبسيدان) لصناعة أدواتهم[9]
- تل حلف (خلف): سمي بهذا الاسم نسبة إلى تل في موضع "حلف" أو "خلف" على نهر الخابور الموجود قرب الحدود السورية-العراقية والذي يبعد على مدينة نينوى ب 140 ميل. قامت بعثة البحث الألمانية التي كان يرأسها فون أوبانهايم (Von Oppenheim) في حوالي 1914 بالكشف عن هذه الحضارة والتي تتميز عن الحضارتين السابقين من حيث تطور في الصناعات الفخارية، حيث أصبح الفخار مزين بنمط "عدة ألوان" (Polychrome) مثل أصفر أحمر برتقالي أسود هو المميز لهذه الفترة كما أن صانع هذه الحضارة قام بزخارف على هذه الصناعات فخارية، واستعمل الطين النظيف كما أتقن هذه الصناعة بعد أن كانت في تل الحسونة من النوع الخشن والغير مزخرف. أعيزت هذه الصناعات إلى أن أصلها سوري بينما الأصل أنها من صنع بلاد الرافدين، إذ أن التراكم الحضاري الذي سبق هذه الحضارة (تل الحسونة وسامراء) ساهم في تطور هذه الحرفة. وفي قرية أربيجة (قرب مدينة الموصل حاليا) وجدت آثار تدل على تطور القرى الفلاحية، وكذلك طرق البناء إذ أصبح إلى جانب الطين الذي كان شائعا ظهر اللبن كأسلوب جديد للبناء، وكذلك ظهر تنظيم المباني السكنية في القرى، بعد أن كانت من قبل تبنى عشوائيا. يتميز أيضا تل حلف هو ظهور مباني مستديرة فريدة من نوعها، حيث وجدت عشرات أبنية في أربيجة، وعرفت هذه المباني باسم (ثولوس) (Tholos) وهي مشيدة من الطين على شكل خلايا النحل، وقد رجح على أنها معبد يؤدى طقوس دينية، بينما فريق آخر من الباحثين يفترض بأنها مساكن وأن أكبر هذه الثولوس يمثل نادي يجتمع فيه الفلاحين ودليلهم على ذلك ما وجدوه من آثار في موقع ترلو بتركية حيث أثبت هناك بأنها مساكن.[5]
- حضارة العبيد (أريدو): انتقل مركز الثقل الحضاري من شمال بلاد الرافدين إلى جنوبه، وبداية بمدينة أريدو والتي ذكرت في الكتابات السومرية وكذا إثبات الملوك بأن أريدو هي أحد المدن الخمسة التي عمرت جنوب بلاد الرافدين قبل الطوفان العظيم، يقع الموقع على بعد 19 كلم جنوب غربي أور وعلى 240 كلم من الخليج العربي، توجد مدينة أريدو في موقع أبو شهرين-حاليا-يعتبر بعض الباحثين في الآثار أن مدينة أريدو حضارة مستقل بذاتها سبقت حضارة العبيد بينما جمهور الأثرين يبرزوا بأن أريدو ما هي إلا شكل أولي لحضارة العبيد. وجد في جنوب بلاد ما بين النهرين نوع خاص من الفخار، الذي يختلف حسب طبقات موقع أريدو، وجد فخار ذو اللون الواحد، بينما وجد في طبقات متقدمة لهذا الموقع فخار مزين بخطوط ومثلثات ونقاط، وهناك بعض الأدوات الفخارية منقوش فيها كائنات حية.[10] بينما في الجانب المعماري تظهر المعابد متباينة في أشكالها حسب طبقات هذا الموقع[11]، حيث يعود المعبد الأول إلى 4900 سنة ق.م وهو مبنى مستطيل البناء ذو أبعاد 8*4 متر يحتوي على مدخل ضيق ومذبح ومائدة للقرابين (يرجح أنها قرابين حيوانية). بينما الشكل الثاني للمعابد يؤرخ إلى 4000 سنة ق.م والذي يبلغ طوله حوالي 15 متر، يوجد بجانبه شبكه تصريف المياه، أما شكله فهو مشابه لما كان موجود في شمال بلاد الرافدين منها موقع جاورا Gawra، وفي طبقة متقدمة لهذا الموقع التي تعود للألف الثالثة عثر على جانب معماري متكامل لحضارة أريدو، إذ أن المعبد أصبح أكبر لتصل أبعاده 21*12 وكذا أصبح منظم من حيث إمكان أداء الطقوس فأصبح هناك سلالم في الجنوب الشرقي المقابل للفناء والمذبح في الجنوب الغربي بينما مائدة القرابين في نهاية فناء المعبد، وهذا دليل على التطور الحضاري لهذه الحضارة.
بالنسبة لدفن الموتى، بدل الدفن أسفل المنازل كما كان في تل الحسونة أصبح في أريدو يدفن خارج المدينة والمعبد، وكانت القبور منظمة، واللافت للانتباه وجود عظام داخل القبور ملونة باللون البرتقالي، وقد رجح أنها طقس عبادي ظهر في هذه الحضارة وهو التحضير للبعث والحياة ما بعد الموت، وقد استدل الباحثين بوجود نفس الظاهرة في عدة مواقع من الشرق الأدنى مثل إيران-العرق-سوريا-فلسطين، بينما يتجه "سيتون لويد" بأن سبب تلون العظام باللون البرتقالي هو تفاعل كيماوي حدث لتربة المنطقة في فترة ما. وجد داخل القبور الأواني الفخارية وكذا تمثال الإلهة الأم، وكذا وجد أدوات حجرية بجانب هذه الأواني والتماثيل. كما مثل آخر هذه فترة لهذه الحضارة ظهور الأختام المنبسطة (Stamp seal).
- حضارة الحاج محمد: يقع على ضفاف نهر الفرات، جنوب غرب الوركاء، ويطلق على الموقع الأثري اسم (قلعة حجي محمد)، حيث أن الفخار الخاص بهذه الحضارة مزخرف بأشكال هندسية وخطوط مائلة ومربعات، أما الألوان الموجود في هذا الفخار فهي ألوان موحدة، بيد أن في هذه الحضارة نجد لون جديد وهو اللون القرمزي الغامق. من خلال الآثار يظهر مدى تأثر فخار الحاج محمد بفخار تل حلف الموجود شمال بلاد الرافدين، ولقد عثر على هذا الفخار أيضا في مدينة سوسة العيلامية.[4]
- حضارة الوركاء: تنسب هذه الحضارة إلى موقع الوركاء المعروفة، وتنقسم هذه الحضارة إلى ثلاث فترات، الوركاء القديمة المتواجدة في الطبقات (12-7) من هذا الموقع، أما الوركاء الوسطة المتواجدة في الطبقات (7-6) من هذا الموقع بينما الوركاء الحديث والذي سنذكرها لاحقا في هذه الدراسة، متواجدة ضمن حفريات الطبقة (5-4) من الموقع. تميز فخار عصر الوركاء الوسط بألوانه الفاتحة وكذلك الأحمر والرمادي وهو مصنوع باليد، بينما الأختام الذي بقيت على شكلها المنبسطة ولم تتطور إلا مع نهاية هذا العصر. أما في الوركاء الوسيطة فقد تطورت الصناعات الفخارية لتظهر الأباريق ذات الصنابير المعوجة والجرار ذات الصنابير الطويلة (Drooping spout)، وأوعية فخارية، حيث أن هذه الحضارة وجدت آثارها في عدة مواقع، منها موقع أريدو وتبه جاورا وكذا موقع ديالي.
في ختام هذا الفصل، نستن تج أن تطور التاريخ السومري خصوصا وتاريخ الشرق الأدنى عموما كان نتيجة تراكم حضاري، إذ تعود أثار حضارة إنسان بلاد الرافدين إلى العصر الحجري القديم، بينما ركزت في هذا الفصل على العصر الحجري المعدني كمرحلة شبه نهائية للتطور الحضاري في هذه المطقة، ويظهر هذا التطور من خلال القرى الفلاحية وبداية تشكلها في صيغة جديدة، التي ستتميز بها العصور التاريخية التي بعدها، أما بالنسبة لإنسان هذه الحضارة والذي كان يستقر بدايتا في شمال بلاد الرافدين، انتقل من هناك ليستقر في السهل الرسوبي الأوسط والأسفل من هذه البلاد، أما إنجازه الحضاري وهو الفخار الذي استطاع أن يطوره فبعد أن كان في البداية بسيط وغير دقيق في صنعه، أصبح في آخر فترة قبيل بداية المرحلة الجديدة من تاريخ المنطقة مصنوع بدقة وبألوان زاهية يدل على ذلك تراكم خبرات متعددة لصنع مثل تلك التحف، وأهم إنجاز لهذه الحضارة هو تطور الإنتاج الزراعي، فبعد أن كان في البداية يقتصر على الاكتفاء الذاتي والذي سيتطور ليصبح هذا الإنسان لا يقتصر على أفراد تلك القرى وإنما سيظهر النوع الأول من التجارة وهو المقايضة وسيتشكل التخصيص في المجال الاقتصادي ومنه ستتطور العلاقات الحضارية بين هذه البلاد وجوارها الحضاري، أما هذا التواصل فقد ظهر في المنطقة في شكله البدائي بجلب بعض المواد كالحجارة من بلاد أخرى مثل الأناضول ومن الغرب إلى بلاد الرافدين (جلب الأوبسيدان من منطقة وان) كون تلك المواد لم توجد في المنطقة، بينما تطور في أواخر هذه المرحلة لنجد أثار لأختام أسطوانية تعود إلى بلاد الرافدين كدليل على وجود كيان سياسي بدائي، لأن التعامل بالأختام يكون في حالة وجد اتفاقيات أو تعاملات اقتصادية أو أغراض دينية أو حربية، حيث وجدت آثار هذه الأختام في الأناضول وسوريا ومصر وكذلك الهضبة الإيرانية.
أصل الحضارة السومرية
عدلاختلف العلماء في تحديد أصل السومريين، وذلك الاختلاف جعلهم يقدمون نظريات حول الأصل السومري، وبمأن لغتهم (السومرية) لا تشبه اللغات السامية ولا حتى الهندو-أوربية ولا الحامية، فقد صعب من مهمة البحث عن أصولهم العرقية، وموطنهم الأصلي. يستحيل تجاهل نظريات الأصول في الدراسات السومرية، إذ تعتبر أول مفتاح للكشف عن هذه الحضارة الموغلة في الزمن، ومن النظريات الأكثر شيوعا أذكر:
- الأصل الجبلي (جبال زاغروس): يرى جملة من الباحثين في هذا المجال أن السومريين جاؤوا من المرتفعات الشرقية والشمالية الشرقية، إذ اعتبر أن استعمالهم المتكرر لكلمة كور (Kur) أي الجبل ما هو إلا تمجيدا لأصلهم الجبلي، واتجهت الأنظار إلى جبال الزاغروس كأقرب جبال لبلاد سومر، ودليلهم الثاني هو بناءهم للزاقورات (المعابد) المرتفعة وهذا يدل أنه تمجيد لبيئتهم الجبلية وارتفاع الزاقورة يدل على ارتفاع الجبال. أما دليلهم الثالث فهو الرسومات الموجودة في الأختام (أشجار وحيوانات جبلية) والتي تخلد أصلهم الجبلي.[3]
- نظرية ما وراء بحر قزوين: اعتقد "صمويل كرامر" بأن أول موطن للسومريين كان ما وراء بحر قزوين[12] حيث نزحوا إلى غرب إيران مع انتهاء حضارة العبيد وبداية حضارة الوركاء حيث باتو يتنقلون إلى أن وصلوا إلى جنوب بلاد الرافدين مع منتصف الألف الرابعة، ودليله على أن تطورهم واقتباسهم من الحضارات السابقة هو الذي جعلهم يتطورون بسرعة في منطقة جنوب بلاد الرافدين[4]
- نظرية الأصل الأناضولي: يرجح جماعة من الباحثين على أن الموطن الأول للسومريين بلاد الأناضول، ويستدلون بأن لغتهم السومريين احتوت على ملصقات من مجموعة اللغات الألطية (التركية والمغولية)، حيث أن اللغة السومرية تتكون من مقاطع صوتية وأفعالهم مركبة.[13]
- نظرية الأصل السامي: ظهرت هذه النظرية لصاحبها الدكتور بهاء الدين الوردي في كتابه (حول رموز القرآن الكريم)، حيث يرى بأن في حدود الألف الرابعة قبل الميلاد بدأت هجرات السامية من شبه الجزيرة العربية فذهب جزء واستوطن جنوب بلاد الرافدين عرفوا بالسومريين وجزء آخر سكن الأناضول عرفوا بالحيثين والثالثة إلى مصر عرفوا بالفراعنة، واستدل بأصول اللغات بيد أنه لم يعطنا دليل ملموس من خلال الآثار الباقية.[14]
- نظرية الأصل السندي (حضارة هاربا وموهنجو دارو): يرى فريق من العلماء بأن أصل السومريين سندي (نسب لواد السند) ونزحوا إلى جنوب بلاد الرافدين مرورا بمنطقة البلوجستان فغرب إيران، بعدها عبروا الخليج ليستقروا أخيرا في السهل الرسوبي الجنوبي لبلاد الرافدين، وقد استدل هذا الفريق على الأثار التي وجدت في المنطقتين حيث عثر في موقع تل الأسمر، كيش وأور على آثار من أختام (تعود لعصر 3000-2700 سنة ق.م) وكذلك منحوتات ترجع إلى حضارة الموهنجو دارو والهربا وكذلك وجدوا تشابه بين اللغة السومرية واللغة الدرافيدية.[13]
- نظرية الأصل المحلي (بلاد الرافدين): يرجع أصل السومريين إلى الحضارات التي سبقت الحضارة السومرية في بلاد الرافدين-حسب أنصار هذه النظرية-ويستدل انصار هذه النظرية بأن تشكل الحضارة السومرية نتج على أساس حضارات ما قبل السلالات في بلاد الرفدين، وأن الأصل الحضاري كان رافدي خالص لم يظهر لا في بلاد الأناضول ولا في إيران ولا في نهر السند وإنما ذلك التطور المحلي أنتج لنا الحضارة السومرية، فمثلا يرى أنصار هذه النظرية أن حضارة سامراء أصلها (سرمراته أو سيمراء) وتعنى سومر وهذا دليل عندهم على أن أصلهم محلي وليسوا وافدين.[13]
الرأي الصائب في الأصول حسب طه باقر أن أصل السومري محلي إذ يعتقد بأن التراكم الحضاري للحضارات التي ازدهرت في الألف الرابعة ق.م وما قبلها أنتج لنا الكمال الحضاري لسومر، وفي هذا يقول: "...ونحن نرى أن نظرية الأصل العراقي للسومريين تحل الكثير من المشكلات التي طرحتها النظريات الأخرى..."، بينما النظريات الأخرى التي ترى بأنها حضارات وافدة من حيث تشابه في الفن أو اللغة، فيمكن أن تلك الفنون كانت من أصل سومري وأن الشعوب الأخرى هي التي تأثرت بتلك الفنون كونها كانت الشعوب الأخرى تتعامل مع سومر في مختلف الجوانب كالتجارة.[3]
الحياة السياسية والثقافية في سومر
عدلتشير لنا إثبات ملوك سومر أن الملوكية نزلت أولا في أريدو[15]، إذ تعد الخمس مدن التي تسبق الطوفان العظيم. أول نظام سياسي حكم قبل فجر السلالات، وحسب الإثبات فأن مدة حكم كبير تصل إلى ربع مليون سنة (241000 سنة)، حيث حكم قبل الطوفان العظيم ثمانية ملوك على التوالي أولهم "ألولم" "Alulim" وآخرهم "أوبار أوتو" "Ubar-Tutu" وكان هذا الأخير يحكم في المدينة الخامسة (شورباك) (Shuruppak) وبعدها أتي الطوفان العظيم وجرف البلاد
نزلت الملوكية بعد الطوفان في مدينة كيش، وحكمت في الفترة بين انحصار الطوفان العظيم وبداية حكم الأكادي أربعة عشرة أسرة في الفترة (2900-2370 ق.م)، وقد أعطيت أسماء الأسر استنادا إلى المنطقة التي حكمت فيها. أما بالنسبة للأسر فهي على التوالي: كيش-الوركاء الأولى-أور-لجش الأولى-كيش الثانية-هدانش-أوروك-أور الثانية-أدب-ماري-كيش الثالثة-أكشك-كيش الرابعة-أوروك الثانية.[16]
تميزت حضارة سومر بنظام (دولة المدينة) السياسي الذي كان يسيّر الحضارة السومرية، ولم تتشكل وحدة سياسية بعد، فقد كانت هذه المدن في بعض الأحيان تتصارع فيما بينها حول المياه والأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، وكانت الدولة القوية تضم الدولة الضعيفة، وكان لهذه السياسة الأرضية الممهدة لتشكيل الدولة ذات الحكم المركزي فيما بعد والذي لا يدخل في محور دراستنا.
أما التنظيم السياسي لهذه الفترة (2900-2370 ق.م) أي في نظام دولة المدينة[17]، فقد جسد مبدأ الاستشارة بين أعضاء جمعية عمومية يرأسها الملك الذي يعرف ب "لوگال" أو "لوغال" المتكفل بالشؤون الإدارية للمدينة الذي يحسم في أمور الحرب والسلم[18]، وكان لهذا الملك تفويض الإلهي "إن" وهذا الأخير مثل السلطة الدينية في المدينة وكان يشرف على المعابد وتقدم له القرابين، وكعادة أرباب المعابد على مر التاريخ فإن سلطة رئيس المعبد قد تطورت فيما بعد لتشمل الجانب الديني والدنياوي. أما المنصب الثالث المتعلق بالاقتصاد فقد مثله "إنسي" الذي كانت تقتصر سلطته على تنظيم الجانب الزراعي ومشاريع الري، إذ أن الزراعة هي المحرك الرئيسي في الحضارات القديمة إلى جانب الصناعات الحرفية التي كانت منتشرة في تلك الفترة.[7]
الحرب والنزاعات ميزت فجر التاريخ وعصر السلالات أجمع وحضارة سومر على الخصوص، لهذا من الضروري أن تتعرف سومر وهي أولى الحضارات المزدهرة في جنوب بلاد الرافدين نظاما عسكريا تميز بالدقة، وكان السومريون أول من عرف نظام الصف (Phalanx) حيث تصطف العساكر في صف واحد[19]، أما السلاح فقد تنوع عند السومريين فعرفوا الرماح والسيوف المقوسة نسبيا والسيوف على شكل أوراق الأشجار، واستخدموا العربات ذات العجلات التي تجرها بعض الدواب مثل الحمار الوحشي (لم يعرف السومريون الحصان في هذه الفترة) وكانت تحتوي على جعبة رماح، وضع فيه حاجز لحمايتها من ضربات العدو. ابتكر السومريون استراتيجيات حربية مكنتهم من الفوز في أغلب حروبهم منها إستراتيجية إضعاف العدو وإرهاقه ومن تم بعد أن يفشل العدو يقوم الجنود السومريين بالهجوم عليه من الأمام والخلف حتى يضيقوا على خصمهم[20]، أما بالنسبة لمصدر النظام العسكري السومري موجد في شكل نقوش ورسوم خلفتها هذه الحضارة في المدن السومرية المختلفة مثل مسلة النسور، كما أن بعض إثبات الملوك السومريين يحكي على بعض الصراعات والنزاعات التي وقعت في فترة حكمهم وغالبا ما كان يمدحون نفوسهم بالانتصارات المحققة مثل الملك "اياناتوم" عندما انتصر على مدينة (أوما).[19]
يعتبر الجانب الثقافي عند السومريين من أهم جوانب الحياة، ففي الجانب الديني كان السومريين من الشعوب المتدينة والدليل على ذلك ما ذكر في إثبات ملوك سومر بأن الملوكية قبل الطوفان العظيم نزلت في أريدو فنزول الملوكية من السماء تعتبر تفوض الإلهي للملك على الرعية، يعتبر منصب "إن" المتكلف بشؤون المعابد التي كان لها قيمة كبيرة عند هذه الشعوب، فكان لكل مدينة معبد خاص به، وتميزت معبودات السومرية بتشابهها مع البشر في الصفات والأفعال، وتعددت آلهة هذه الشعوب فشاع مبدأ الشرك (Polytheism)[21] ومن الآلهة نجد عشتار (إنانا) وتموز (دامبيزي) وآنو وانكي وغيرها.[22] تطورت الأختام الأسطوانية في هذه الحضارة فلم تقتصر على المعاهدات السياسية والاقتصادية إنما استعلمت كذلك للأغراض الدينية كأن يصور أحدهم رجل عابد في ذلك الختم، وهذا يدل على رتبته الدينية العالية، وكانت هذه الأختام تعلق في عنق الرجل.
أتقن السومريون العمارة، وعرفوا مواد بناء متطورة بالنسبة لتلك الفترة، إذ صنعوا اللبنة بالطين المجففة في الشمس، والطين المشوية في الفرن، كمادة أولية للبناء، واستعملوا التربة الممزوجة بالرماد وكذا القار كملاط لالصاق اللبنات ببعضها. عرف السومريون تزين بناياتهم بالأقواس والقباب، وجعلوا لمدنهم أصوار سميكة، مثل مدينة أور حيث يبلغ عرض الصور 15 كلم، كما تميزت عمارتهم ببناء الزاقورات، تشبه في شكلها الهرم، ولا تقتصر على عبادة فقط وإنما تستعمل كمراكز إدارية ومحطات تجارية إضافة إلى استعمالها كمراصد فلكية.[23]
ميزت الكتاب عصور فجر السلالات، وتعتبر الحضارة السومرية أول حضارة ابتكرت الخط المعروف بالخط المسماري، والذي ساهم في نقل الأفكار وأراء تلك الشعوب فيما بينها (الإدارة) أو كتخليد لإنجازات حكامها، سمي الخط المسماري بهذا الاسم لأن خطه يشبه المسمار، وقد احتوى الحرف المسماري على صوت، ونتيجة لمعرف هذه الشعوب الخط، فكان لزاما أن تخترع المدارس لتعليم الأجيال، وكان يتعلم التلاميذ الصغار الحساب واللغة السومرية، من خلال الكتاب بالخط المسماري، وكان التلاميذ يكتبون في ألواح طينية تعرف ب (كتاب النص) (Textbook)، عرفت سومر نظاما تعليميا متطور، إذ عثر على أحد الألواح الطينية يوجد بها تمارين في الحساب قام بها التلاميذ أنفسهم، وكان نظام المراقبة المستمرة للتلاميذ موجودة في هذه الفترة، إذ ينهي التلميذ مرحلته التعلمية بعد أن يجتاز امتحانات خاصة بذلك الطور.[24]
الحياة الاقتصادية في سومر
عدلنشأة التجارة في الحضارات بفضل عاملين: الأول يتمثل في التفاوت بين قدرات البشر وصناعاتهم، والثاني يتجسد في اختلاف المواد الخام الموجودة داخل الدول، فتختلف المواد الأساسية للبناء أو المحاصيل الزراعية من منطقة لأخرى، إذ نجد هناك تكامل بين قارات العالم من حيث تقسيم هذه الثروات بينها، فهناك مواد كثير لا تتوفر في السهل الرسوبي الجنوبي لبلاد الرافدين مثل (المعدن، الأخشاب، الأحجار الكريمة والشبه الكريمة وغير ذلك)، يتم جلبها من مناطق مجاورة، ولهذا كانت الحاجة الضرورية لجلب تلك المواد، ومنه ازدهرت التجارة والأسواق بصفة خاصة والاقتصاد بصفة عامة.[25] بمأن الحضارة السومرية استقرت في السهل الرسوبي الجنوبي لبلاد الرافدين، فإن من البديهي أن يكون نشاطها الاقتصادي هو الزراعة، ولقد اعتمدت سومر على الزراعة اعتمادا شبه كلي، وقد خلص الفرد السومري إلى طريقة لسقي أراضيه فابتكر طرق الري وطورها فحفر القنوات وأقام السدود، واستطاع التحكم في الفيضانات بعد أن كانت تجربته الأولى مع هذه الظاهرة الطوفان العظيم.[21]
أهم المحاصيل التي أنتجت في فجر التاريخ السومري تمثلت في القمح والشعير، وكذلك السمسم، كما تشير الوثائق الموجودة في (لاجش) أو (لاگش) على وجود بساتين مثمرة بأشجار النخيل وكذلك مزارع الخضروات. إضافة إلى هذا فقد دجن الإنسان السومري الحيوانات منها المعز والخنازير، ويعود تدجينه للحيوان في منطقة بلاد الرافدين إلى العصر الحجري القديم الأعلى بالتحديد في كهف شانيدار، ومنه فقد استقى الإنسان السومري من المواريث السابقة ليطور هذه الحرفة، ومن تربية الحيوانات ارتأى الإنسان السومري إلى استغلال صوف وجلود الحيوانات ليطور الصناعات النسيجية وصناعة الجلود، كما وجد في (لاجش) ألواح تظهر العمال والعاملات الذين كانوا يعملوا في المعابد في نسج الصوف والصناعات اليدوية الأخرى، وكذلك وجدت في هذه الألواح معلومات عن صيد السمك، ومنه فإن السومريين قد عرفوا وسائل النقل المائية، فطبيعة بيئتهم المليئة بالأهوار دفعتهم إلى ابتكار السفن، وقد وجد مجسم من الفخار لسفينة شراعية تعود إلى الألف الرابعة ق.م في أريدو[مقالة 1]، وقد تطور هذا النوع من السفن في عهد فجر السلالات، وقد وجدت أشكال هذه السفن محفورة في أختام أسطوانية تظهر مشهد لسفن الصيد في نهر الدجلة. كانت الأراضي ومنابع المياه في الحضارة السومرية أهم مورد لدي الحكام والشعوب على حد سواء، لهذا فقد وقعت حروب ونزاعات بسبب هذه الموارد، فكما قلت من قبل أن الدويلات التي تنتمي للحضارة السومرية كانت تتصارع فيما بينها، فتتوسع الدولة المنتصرة على حساب الدولة المنهزمة، وتعتبر السطو على الأراضي الخصبة ومنابع المياه أساس هذه النزاعات، فمثلا حين انتصرت (لاجش) بفضل حاكمها "اياناتوم" على مدينة (أوما) وفرض عليهم عقوبة قاسية تمثلت في حفر (أوما) لخندق على طول حدودها مع (لاجش) كما أن "اياناتوم" قام ببناء خزان مياه كي يضمن بقاء المدد بالمياه لمدينته.[21]
ونتيجة لإنتاج السومريين محصولات زراعية كانت في بداية فجر السلالات معاشية لتتحول في فترة قصيرة إلى تصديرية بعد أن أصبح الإنتاج كبير، وبعد أن اشتهرت سومر بالصناعات الفخارية والنسيجية وجلود وعربات ذات أربع عجلات، أصبحت تمارس التجارة الخارجية أي تصدر فائض إنتاجها، إذ أصبحت هذه التجارة عمود الحياة لدي السومريين، كون بلاد سومر التي تتموقع في السهل الرسوبي تفتقر لبعض المواد الأولية التي أصبحت بلاد سومر في حاجة إليها لتطوير صناعتها، مثلا الأحجار لبناء الزاقورات، وكان لهذه التجارة الخارجية طرق خاصة، وقد أنشأت سومر مراكز تجارية في أغلب الدول التي تتعامل معها فتصب سلعها هناك لتبيعها وتستورد من هناك المواد التي تنقصها إلى بلادها، أما تفصيل هذه المواد والدول التي كانت تتعامل معها فسنذكرها في الفصل المخصص بالعلاقات الاقتصادية بين سومر وجوارها الحضاري.[26]
- ↑ عبد القادر حسين علي، إنسان الكهوف والآلات الحجرية، حضارات العراق، د.ط، دار الحرية للطبع: بغداد العراق، 1985، ج1، ص83-88
- ↑ 2٫0 2٫1 Arthur J Jelinek, L’Asie occidentale, L’Histoire de l’humanité, S.E, UNESCO : Paris-Londres, 2000, V1, P408
- ↑ 3٫0 3٫1 3٫2 3٫3 طه باقر، مقدمة تاريخ الحضارات القديمة، ط1، شركة دار الوراق للنشر المحدود: بغداد-العراق، 2009م، ص231-232
- ↑ 4٫0 4٫1 4٫2 4٫3 أحمد أمين سليم، تاريخ العراق-إيران-آسيا الصغرى، د.ط، دار المعارف الجامعية: القاهرة، مصر، 2000، ص81
- ↑ 5٫0 5٫1 تقي الدباغ، الثورة الزراعية والقرى الأولى، حضارة العراق، المرجع السابق، ص125-126
- ↑ ياسر هاشم حسين، فن صناعة الفخار خلال العصر الحجري المعدني في العراق، مجلة التربية والعلم، العدد 3، 2006، مج13، ص56-66
- ↑ 7٫0 7٫1 محمد بيومي مهران، تاريخ العراق القديم، د.ط، دار المعارف الجامعية: الإسكندرية-مصر، 1990، ص18
- ↑ نائل حانون، شخصية الألهة الأم ودور الالهة أننا-عشتار، المجلة، ص22-23
- ↑ من الأحجار الكريمة وهو حجر بركاني. موقع شركة التقدم العلمي للنشر والتوزيع، نبذة تعريفية عن صخر الأوبسيديان. http://www.aspdkw.com/
- ↑ سيتن لويد وفؤاد سفر، أريدو، مجلة سومر، العدد الرابع، كانون الثاني 1948، مج 1، ص282-284
- ↑ محمد حراب فرزات وعيد مرعى، دول وحضارات الشرق العربي القديم، ط2، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، 1994، ص77
- ↑ Samuel Noah Kramer, The Sumerian, The university of Chicago: Chicago-USA, 1963, P5
- ↑ 13٫0 13٫1 13٫2 خزعل الماجدي، متون سومر، ط1، دار الأهلية للنشر والتوزيع: عمان-الأردن، 1998، ج1، 42
- ↑ يرى المستشرق البريطاني، برسي سايكس بأن الساميين والسومريين عنصرين مختلفين بدليل النقوش والمنحوتات التي تبين ملامح العنصرين من حيث شكلهم وكذا لباسهم؛ أنظر: Percy Sykes, A History of Persia, 2nd Ed, Macmillan and Co. LTD: London-England, 1921, V1, P61
- ↑ Samuel Noah Kramer, Sumerian mythology, R.E, Global grey eBook, 1961, P131
- ↑ Thorkild Jacobsen, The Sumerian king list, 4Ed, The university of Chicago: Chicago-USA, 1973, P13
- ↑ أندره ايمار وجانين أوربوايه، تاريخ الحضارة العام، تر: فريد داغر وفؤاد أبوريحان، ط3، منشورات عويدات: بيروت-باريس، 1993، ج1، ص139
- ↑ رشيد الناضوري، المدخل في التحليل الموضوعي المقارن للتاريخ الحضاري والسياسي في جنوب وغرب آسيا، د.ط، دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع: بيروت-لبنان، 1989، ص252
- ↑ 19٫0 19٫1 طه باقر، المرجع السابق، ص352
- ↑ لقد ذكر أحمد أمين سليم أن هذه الطريقة تعلمها الأخمنيين من الأشوريين، وبمأن الأشوريين أستقو مختلف علومهم من السومريين فإن من المرجح أن الأشوريين تعلموا هذه الطريقة من السومريين؛ أحمد أمين سليم، المرجع السابق، ص433
- ↑ 21٫0 21٫1 21٫2 طه باقر، المرجع السابق، ص367
- ↑ Thorkild Jacobsen, Op-Cit, P5
- ↑ Éliane Lopez, L’histoire des civilisations, 1ere Edition, Groupe Eyrolles : Paris-France, 2008, P38
- ↑ صمويل نوح كريمر، من ألواح سومر، تر: طه باقر، د.ط، مكتبة المثنى: بغداد-العراق، 1956، ص43
- ↑ دياكوف وكوفاليف، الحضارات القديمة، تر: نسيم واكيم اليازجي، ط1، دار علاء الدين: دمشق-سوريا، 2000م، ج1، ص82
- ↑ محمد حراب فرزات وعيد مرعى، دول وحضارات الشرق العربي القديم، ط2، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، 1994، ص93
- ↑ رضا جواد الهاشمي، الملاحة النهرية في بلاد واد الرافدين، مجلة سومر، العدد 37، 1981، ص37