الحضارة اليونانية

الإطار الجغرافي : يشمل أوروبا وسوريه ومصر والعراق وآسيا الصغرى وشمال أفريقيا

الإطار التاريخي: عصور ما قبل الميلاد حتى سقوط روما في القرن الخامس الميلادي

يشمل تاريخ اليونان الموضوعات الرئيسية التالية :

أولا : مصادر تاريخ اليونان

الباحث في تاريخ اليونان وحضارتهم يعتمد أساسا على نوعين من المصادر وهي:

أ- الآثار بأحجامها وأشكالها المختلفة مثل ( المباني , الفخار, المسكوكات , وغيرها) وتعتبر الآثار من المصادر الموثقة لأنها باقية منذ العصور القديمة حتى اليوم , كما تعد من أغنى المصادر لكثرتها وانتشارها على سطح الأرض أو مطمورة في باطن الأرض.

ب- المصادر الكتابية المباشرة:

      وهي ما كتبه الأقدمون في كتبهم عن تاريخ اليونان وأحوال المجتمع اليوناني في عصرهم أو عن عصور سابقة لعصرهم ويوجد عدد من المؤرخينوالجغرافيين والرحالة والخطباء والعلماء والفلاسفة والمفكرون اليونان أبرزهم وأشهرهم :

1- هيرودوت (عاش في القرن الخامس قبل الميلاد) وكتب هيرودوت عن تاريخ العالم القديم بما فيها بلاد اليونان ولكن يؤخذ على هيرودوت انه يعتمد على الروايات والأخبار وليس المشاهدة والمعاصرة للحدث.

2- ثوكيديديس (عاش ما بين القرن الخامس والرابع قبل الميلاد ) وتتميز كتاباته بالواقعية ويكتب معاصرا أو مشاهدا للأحداث فكان معاصرا للحروب اليونانية – اليونانية , كما تميزت كتاباتهم بالواقعية والتحليل والنقد للأحداث .

3- كسينوفون ( عاش ما بين نهاية القرن الخامس وبداية الرابع قبل الميلاد ) وتتميز كتاباته بأنه يكتب مشاهدا ومعاصر الحدث ولا يعتمد على الروايات ولكنه لا يحلل الأحداث .

4- بركليس : وهو زعيم أثيني اشتهر بخطبه وهو من أشهر الخطباء اليونان وكذلك كان الخطيب(ديموستينيس), ويعتبر خطبهم من المصادر لأنها تصف وتبين أحوال المجتمع اليوناني ومشكلاته الاجتماعية والسياسية والدينية ولكن يؤخذ عليهم أنه يمثلون جانب واحد وليس جميع جوانب المجتمع . 5- سقراط , أفلاطون , أرسطو : كتب هؤلاء العلماء في الطب والعلوم والفلسفة والحكمة والجغرافية والحكم وغيرها من العلوم لذلك نجد في كتاباتهم معلومات قيمة عن التجارب العلمية وما قام به هؤلاء من دراسات شملت الجوانب العلمية والفلسفة والفلك وأسلوب الحكم وغيرها من العلوم الطبيعية والإنسانية .

ج- المصادر الكتابية غير المباشرة

      ويقصد بها المصادر الأدبية أو كل ما وصل إلينا من إنتاج الأدباء بما فيها من أشعار وأغاني ومسرحيات وبكل ما تتضمنه هذه من أفكار عن المجتمع اليوناني وحياة اليونانيين , ويعتبر أدب الملاحم الذي يتحدث عن شخصيات خيالية تبرز الجوانب البطولية ومظاهر النبل والتضحية وكذلك القوة والضعف الذي يمثل جوانب أساسية صادقة ولوحات حية تعبّر عن حياة المجتمع اليوناني ومن الشعراء وأصحاب الملاحم :

1. اسخيلوس

2. سوفوكليس

3. هوميروس وهو من أشهر شعراء الملاحم وصاحب الملحمتان الأدبيتان الالياذه والاوديسه والتي تأثر الكثير من الزعماء اليونان بما فيهما من شخصيات بطولية خيالية .

المعالم الجغرافية لبلاد اليونان وأثرها على اليونان

عدل
      بلاد اليونان عبارة عن شبه جزيرة تتفرع من شبه جزيرة البلقان وتضم عدد من الجزر الصغيرة , وتقع إلى الجنوب من قارة أوروبا وتطل على بحر ايجه والبحر المتوسط وهذا الموقع جعلها بالقرب من قارات العالم القديم وحضارة مصر والعراق وسوريه وآسيا الصغرى القديم .
      وبلاد اليونان يبلغ طولها حوالي 400 كم وعرضها حوالي 300 كم وتغطي الجبال والمرتفعات حوالي 80% من بلاد اليونان وتخترقها السلاسل الجبلية في كل الاتجاهات بشكل قسمها إلى مناطق صغيرة منعزلة عن بعضها البعض .

في حين نجد الأنهار فيها قصيرة سريعة الجريان مما زاد في عزل المناطق عن بعضها البعض فأصبحت الأنهار وسيلة انفصال وليس وسلة اتصال كما هو طبيعي بالنسبة للأنهار.

      وعليه أصبحت المرتفعات والأنهار تؤثر بشكل كبير على اليونانيين وأجبرتهم على المعيشة في مدن صغيرة مستقلة عن بعضها البعض وأصبح من الصعب تكوين وحدات سياسية كبيرة وانتشرت فيها دويلات المدن وهذا النظام ساد بلاد اليونان فترة طويلة من تاريخهم .

ثالثا : لمحة موجزة لمراحل تاريخ اليونان :

      يقسم العلماء تاريخ اليونان القديم إلى ثلاث مراحل وثلاثة عصور رئيسية وهي :

أ- العصر المبكر ( 3000-1100 ق.م)

      شهدت المنطقة التي عرفت فيما بعد باسم بلاد اليونان نشاطاً حضارياً في هذه الفترة التاريخية ويمثل هذا العصر حضارتين وهما:

1- الحضارة الكريتية في الفترة ما بين ( 2400-1200ق.م) والحضارة الكريتية حضارة يونانية وغير يونانية وثبت وجود تأثيرات في كل المدن اليونانية وثبت وجود صلات وعلاقات علاقات وصلات بين مصر وبلاد اليونان .

2- الحضارة المايسينية: في الفترة من بين (1600-1100ق.م) وجاءت بعد الحضارة الكريتية وهي حضارة يونانية صرفة انتشرت في كل المدن اليونانية وثبت وجود صلات وعلاقات بين اليونان وإيطاليا وجزر البحر المتوسط وسوريه وانتهت الحضارة المايسينية على يد القبائل الدورية التي جاء من الشمال وغزت بلاد اليونان في 1100 ق.م وعادت بلاد اليونان إلى حياة القبائل حتى القرن الثامن قبل الميلاد.

هجرات اليونان واستيطانهم خارج البلاد

عدل
      في أعقاب الغزو الدوري لبلاد اليونان حدثت هجرات واستيطان لليونان خارج بلادهم ويعود ذلك إلى عوامل جغرافية وسياسية وإقتصادية واجتماعية وهذه الهجرات حركة انتشار لليونان خارج بلادهم وأبرزها :

1- هاجر الأيوليون سكان شمال اليونان عبر بحر إيجه إلى آسيا الصغرى واستقروا على سواحلها الغربية فأصبحت تعرف باسم ( ايوليا)

2- هاجر الأيونيون عبر بحر إيجه إلى آسيا الصغرى واستقروا جنوب فسميت منطقتهم باسم ( أيونيا)

3- هاجر الدوريون أيضا إلى آسيا الصغرى واستقروا جنوب أيونيا فسميت منطقتهم باسم (دوريس).

كان من أبرز نتائج حركة الهجرة هذه والإستيطان خارج بلادهم :

- احتكاك اليونان بالأمم الأخرى أدت إلى تنمية الروح القومية لديهم. - اتساع النشاط التجاري بين المناطق وتأثيرها على المجتمع الواسع . - ظهور طبقة التجار اليونان والحرفين وأصبحوا لهم قوة مؤثرة. - تطور نظام الحكم عند اليونانيين في المجتمعات الجديدة.

عصر دولة المدينة : (800-500 ق.م)

عدل
      ظهرت في بلاد اليونان نظام عرف باسم نظام دولة المدينة ( المدينة الحرة) فالمجتمع اليوناني تميز بأنه كان عبارة عن وحدات سياسية مستقلة عن بعضها نتيجة لطبيعتها الجغرافية فأصبحت كل مدينة لها مقومات الدولة ( دولة المدينة) أو دويلة صغيرة فعرفت بلادهم نظام دويلات المدن الصغيرة لكل دولة سلالتها الحاكمة وجيشها وحدودها وأبرز هذه الدويلات كانت أثينا /اسبرطة/ طيبة / آرجوس ... ونتيجة حركة الهجرة والإنتشار اليوناني تطور نظام الحكم والنظام السياسي لدويلات المدن اليونانية وظهرت الأنظمة وتطورت من النظام القبلي وحتى وصلت الحكم الشعبي ( الديمقراطي) مر هذا التطور السياسي لدويلات المدن بالأنظمة التالية :

1- النظام القبلي : ساد هذا النظام قبل نشأة نظام دويلات المدن اليونانية وكان زعيم القبيلة الأوسع في امتلاك الأراضي الزراعية والرعوية يمارس دور الحاكم

2- النظام الملكي : هو أول نظام عرفته دولة المدينة اليونانية ويقوم على أساس سلطة الملك يساعده مجلس من الأعيان واستمر هذا النظام حتى حل محله النظام الأرستقراطي .

3- النظام الأرستقراطي : يمثل هذا النظام انتقال السلطة إلى ملاّك الأراضي فتحول النظام الحكم الفردي الذي يمثله شخص الملك إلى نظام حكم الجماعة وهم الطبقة الأرستقراطية

4- النظام الاوليجركي (حكم الأقلية) : عندما ازدهرت حركة التجارة بين بلاد اليونان والعالم الآخر ظهرت طبقة التجار واستطاعت بثروتها الكبيرة أن تنافس الطبقة الارستقراطية ملك الأراضي ونجحت طبقة التجار (الأقلية) في الوصول إلى السلطة والحكم فعرف النظام بحكم الأقلية (الاوليجركي).

5- حكم الطغاة : لم يستمر حكم الأقلية (طبقة التجار) فترة طويلة وبدأت طبقة عامة الناس تبحث عن دور سياسي في الحكم فظهرت ثورات شعبية في المدن اليونانية وكان يقودها أبناء الأثرياء ونجح عامة الناس في الوصول إلى الحكم والسلطة وانتهى حكم الأقلية , وعندما حكم أبناء الأثرياء سمي بنظام حكم الطغاة لأنهم وصلوا للحكم على أكتاف عامة الناس .

6- نظام الحكم الشعبي ( الديمقراطي) : انفجرت الثورات الشعبية ضد حكم الطغاة وقتل العديد من الطغاة وهرب الآخرون فكانت نهاية حكم الطغاة وبدأ نظام الحكم الشعبي وما يسمى بالحكم الديمقراطي ليحل محل الحكم المطلق فأصبح نظام الحكم عبارة عن مجالس نيابية يشترك فيها المواطنون ويمارسون فعليا كافة السلطات ونجح نظام الحكم الشعبي الذي مارس مهامه بكل كفاءة وحرية .

      ونشير هنا أن دويلات المدن اليونانية لم تمر كل مدينة بهذه الأنظمة الخمسة في تطور نظام الحكم فيها فهناك من الدويلات اليونانية مرت بجمعها مجتمعة , وهناك من مر بأربعة أنظمة , ودويلات مدن مرت بثلاثة أنظمة أو اثنتين فقط طبقا لظروف كل دويلة يونانية .
      كذلك نشير إلى أنه من الممكن أن تمر دويلة المدينة اليونانية في تطور نظامها السياسي بالأنظمة الخمسة جميعها في مائة عام , ودويلة أخرى في فترة خمسين عاماً وهكذا.
      كانت دويلات المدن اليونانية (Polis) – مهما اختلفت فيها الأنظمة في الحكم – إلا أنها كانت هناك سمات وصفات بارزة ومميزات توجد في جميع دويلات المدن اليونانية وهي:

- الاكربوليس : وهو مقر أو قصر الحكم - القصر الملكي: وهو مقر سكن الحاكم أو الملك وأسرته - مساكن الطبقة الأرستقراطية: وهي مقر الأمراء والأشراف والنبلاء - مساكن عامة الناس : وهم التجار والصناع والحرفين - السوق العام: ويكون في وسط المدينة وبه ساحات للتبادل التجاري وعرض المسرحيات وإلقاء الخطب وإعلان قرارات الحكام - الخورا : وهي الأراضي الزراعية التي تحيط بالمدينة - السور : كان لكل مدينة سور يحيط بها لحمايتها من الأعداء وكانت هذه الصهي:والسمات موجودة في كل مدينة ودويلة يونانية لعل من أبرز الأحداث الخارجية والداخلية التي جرت في عصر دولة المدينة هي:

أ- الحروب اليونانية القرطاجية :

      كانت قرطاجة تسيطر على غربي البحر المتوسط تجاريا وسياسيا حيث كانت المستعمرات القرطاجية على سواحل شمال أفريقيا منذ القرن التاسع قبل الميلاد وكذلك على السواحل الجنوبية لأوربا .

وكان الصراع بين اليونانيين والقرطاجين يعود لأسباب وعوامل اقتصادية فجرت الحرب في عام 408 ق.م وكذلك في عام 409 ق.م . وكان محور الصراع بين الطرفين هو جزيرة صقلية وانتهت هذه الحروب بإنتصار اليونان .

ب- الحروب الفارسية اليونانية: أسبابها:

1- توسع الإمبراطورية الفارسية في آسيا الصغرى وسيطرتها على المدن اليونانية الآسيوية غرب آسيا الصغرى .

2- محاولة الفرس السيطرة على بلاد اليونان ودويلات المدن اليونانية الأوربية

ومرت الحروب اليونانية الفارسية بمرحلتين وهما:

1- المرحلة الأولى: نجح الفرس في السيطرة على المدن اليونانية غرب آسيا الصغرى في عام 548 ق.م تحالفت المدن اليونانية الآسيوية غرب آسيا الصغرى تحت زعامة مدينة ميليتوس ضد الاحتلال الفارسي وقمت ثورة مسلحة للتخلص من الاحتلال الفارسي . أرسلت دويلة أثينا (20) سفينة عسكرية وكذلك أرسلت دويلة اريتريا مساعدة عسكرية لمساعدة المدن اليونانية الآسيوية في حربها ضد الاحتلال الفارسي , ولكن الفرس استعادوا سيطرتهم على المدن اليونانية الآسيوية ودمر الفرس مدينة ميليتوس انتقاماً من تزعمها لهذه الحركة المسلحة , كما قرر الفرس تأديب أثينا واريتريا لدعمهما للثورة المسلحة للمدن اليونانية في غرب آسيا الصغرى فكانت المرحلة الثانية .

2- المرحلة الثانية : الحروب المباشرة بين الفرس ودويلات المدن اليونانية الأوربية شملت البر والبحر وخارج بلاد اليونان . قرر الفرس منع احتمال حدوث تحالف عسكري بين المدن اليونانية الآسيوية غرب آسيا الصغرى ودويلات المدن اليونانية في بلاد اليونان فتحركت حملة عسكرية فارسية ضخمة ( برية وبحرية ) نحو أثينا فحدثت أول مواجهة عسكرية بين الفرس وأثينا في معركة سهل الماراثون عام 490 ق.م انتهت بهزيمة ساحقة للفرس على يد أثينا على الرغم من قلة عددهم , بعدها أدركت دويلات المدن اليونانية خطر الفرس فتحالفت عسكريا تحت زعامة اسبرطة فجرى الصدام بين الفرس واسبرطة في معركة تعرف باسم (ثرموبيلي) انتهت بمقاومة باسلة للجيش الإسبرطي وانتهت المعركة بانتصار محدود وهزيل للفرس. جرى بعدها مواجهة عسكرية بين الأسطول الأثيني والأسطول الفارسي تعرف بمعركة (جزيرة سيلاميس) عام 480 ق.م . وانتهت بهزيمة ساحقة للأسطول الفارسي على يد الأسطول الأثيني فانسحب الفرس إلى آسيا الصغرى وتوقف التقدم الفارسي نحو بلاد اليونان , فكانت معركة (جزيرة سيلا ميس) نقطة تحول في هذه الحروب حيث انحسر خطر الفرس عن دويلات المدن اليونانية .

      قام اليونانيون بهجوم مضاد على الفرس عاما 479 ق.م . وجرت معركة بحرية عند (خليج ميكالي) ومعركة برية عند (سهل بلاتيا) وانتهت المعركتين البحرية (ميكالي) والبرية (بلاتيا) بإنتصار اليونان وهزيمة ساحقة للفرس فأبعدت المعركتين الأخيرة الخطر الفارسي نهائيا عن بلاد اليونان ودويلات المدن اليونانية الأوربية , وظل الاحتلال الفارسي قائماً على المدن اليونانية غي غرب آسيا الصغرى ولم تتحرر إلا على يد الإسكندر المقدوني .

الحروب اليونانية – اليونانية (البلوبونيز)

عدل
     ظهر بين اليونانيين اتجاه نحو التحالف القومي لليونان واستطاعت أثينا تحت زعامتها أن تكون حلف جمع عدة مدن يونانية عرف باسم حلف ديلوس زاد من نفوذ أثينا بين دويلات المدن اليونانية , وساد بين مدن هذا الحلف حكم النظام الشعبي أو الديمقراطي.

في المقابل نجحت اسبرطة في تكوين حلف تحت زعامتها جمع المدن الواقعة في شبه جزيرة البلوبونيز وعرف باسم حلف البلوبونيز وكان نظام الحكم السائد فيها هو نظام حكم الأقلية وهو نظام عسكري يمتاز بالقسوة والصرامة . وعليه فإن من أسباب الحروب اليونانية - اليونانية هو الاختلاف الأساسي بين نظام الحكم الديمقراطي المطبق في دول حلف ديلوس بزعامة أثينا ونظام حكم الأقلية العسكرية المطبق في دول حلف البلوبونيز بزعامة اسبرطة .

      عند استقلال مدينة كورسيرا عن دويلة كورنيه حليفة اسبرطة , وإعلانها الرغبة في الانضمام إلى حلف ديلوس المطبق للنظام الديمقراطي وحتى تحميها أثينا من بطش دويلة كورنثه, فسارعت أثينا لنجدة مدينة كورسيرا عندها تحركت اسبرطة للوقوف إلى جانب كورنثه وهكذا اشتعلت الحرب الأهلية بين اليونان في عام 431 ق.م . واستمرت حوالي 27 عاماً وانتهت بانتصار التحالف الإسبارطي على التحالف الأثيني بعد معركة (ايجوسبوتامي) في عام 404 ق.م . 
      انتهت زعامة أثينا على العالم اليوناني وأصبحت اسبرطة تتزعم العالم اليوناني ولكن نظام الحكم العسكري جعل المدن اليونانية تتمرد على زعامة اسبرطة , فنجحت طيبة أن تلحق هزيمة ساحقة باسبرطة وتنتزع زعامة المدن اليونانية , وهكذا أضعفت هذه الحروب الداخلية المدن اليونانية مما ساعد المقدونيين في السيطرة على العالم اليوناني .

مقدونيا

عدل
      تقع جنوب شرق أوروبا في شبه جزيرة البلقان استطاعت أسرة ارجيد أن تتربع على عرش مقدونيا في القرن السابع قبل الميلاد , ثم أصبحت خاضعة للسيطرة الفارسية في القرن الخامس قبل الميلاد , وفي منتصف القرن الرابع قبل الميلاد تولى عرش مقدونيا الملك فيليب الثاني الذي استطاع أن يوحّد بلاد اليونان في وحدة سياسية واحدة .
      استغل الملك فيليب الثاني المقومات الإقتصادية التي تمتلكها مقدونيا وموقعها الجغرافي في شمال بلاد اليونان والضعف الذي أصاب دويلات المدن اليونانية نتيجة الحروب الأهلية اليونانية ونجح في توسيع رقعة مملكة مقدونيا فاستولى على المدن اليونانية الواحدة تلو الأخرى , وتمكن في عام 338 ق.م . من هزيمة أثينا واسبرطة في موقعة تعرف باسم (خايرونا) فتم بذلك سيطرته على كل بلاد اليونان وبذلك انتهى نظام دويلات المدن اليونانية فعليا في هذا التاريخ وتوحد اليونان في وحدة سياسية ودولة واحدة لأول مرة في تاريخهم الطويل هي مملكة مقدونيا وكانت هي حجر الأساس لإمبراطورية الاسكندر.
      اغتيل الملك فيليب الثاني في صيف 336 ق.م . فخلفه على العرش ابنه الاسكندر المقدوني.

الاسكندر المقـدوني

      ولد الاسكندر المقدوني في صيف 356 ق. وأمه أميرة من منطقة اييروس واسمها اولمبياس , وفي الثالثة عشر من عمره استقدم له أبوه العالم والفيلسوف أرسطو إلى مقدونيا ليتولى تعليم وتثقيف ولده الأمير الشاب الاسكندر وعاش أرسطو مدة ثلاث سنوات في تعليم الإسكندر في القصر الملكي فعلمه فنون الحكم والسياسة والجغرافية والفلسفة والأدب اليوناني وأشعار هوميروس وقد تأثر الاسكندر في سلوكه وثقافته وتشبع بأفكار معلمه أرسطو , كما تعلم فنون الحرب وأساليب القتال من والده الملك فيليب الثاني وخاض معه عدة معارك وهو في السادسة عشرة من عمره وعندما بلغ العشرين من عمره تولى عشر مقدونيا بعد مقتل والده .

قضى الإسكندر المقدوني بعد توليه العرش على جميع محاولات الانفصال والإستقلال التي قامت بها المدن اليونانية ودمّر مدينة طيبة عن أخرها فهابه المدن الأخرى وقدموا له الطاعة , وبعدها وجه جهوده واستعداداته نحو حملته العسكرية نحو الشرق. - حملته العسكرية على الشرق :

أ أهداف الحملة : - القضاء على الإمبراطورية الفارسية - تحرير المدن اليونانية على السواحل الغربية لآسيا الصغرى - تكوين إمبراطورية عالمية تجمع عدة شعوب وثقافات وحضارات متعددة

ب- استعدادات الحملة :

-40 ألف جندي

-160 سفينة حربية

- مجموعة من العلماء والخبراء والفنيين

      ج-  خط ومراحل سير الحملة :

1- المرحلة الأولى: بدأت الحملة في عام 334 ق.م . نحو آسيا الصغرى فكانت معركة نهر (جرانيكوس) أول مواجهة مع الفرس وألحق بهم هزيمة ساحقة , نجح في تحرير المدن اليونانية في آسيا الصغرى .

2- المرحلة الثانية : توجه الاسكندر من آسيا الصغرى وسيطر على سوريه بعد معركة سهل (ايسوس) عام 333 ق.م . وهزيمة الفرس, فاتجه جنوباً نحو فينيقيا وسيطر على صيدا وصور بعد حصارها 6 أشهر حتى استسلمت مدينة صور ثم اتجه إلى فلسطين وسقطت غزة في عام 332 ق.م. فأصبحت مفتوحة .

3- المرحلة الثالثة : دخل الاسكندر المقدوني مصر وحرر مصر من الاحتلال الفارسي ورحب به المصريون وأعجب الإسكندر المقدوني بالحضارة المصرية وقضى فيها عدة شهور أسس فيها مدينة الإسكندرية ثم غادر مصر نحو بلاد الرافدين وإيران.

4- المرحلة الرابعة : كان أول صدام لجيش الاسكندر المقدوني في العراق مع الجيش الفارسي عن (سهل كاوكا ميلا) وانتهت بهزيمة ساحقة للفرس في عام 331 ق.م. وفرّ الملك الفارسي دارا الثالث فلاحقه الاسكندر المقدوني باتجاه الجنوب وظل يحرز انتصاراته على الفرس حتى وصل إلى مدينة بابل وسط العراق وكانت مشهورة بتحصيناتها وقلاعها وأسوارها ولكن استقبل بالترحيب فأحسن معاملته للبابليين , بعد ذلك اتجه نحو إيران واستولى على عاصمة الإمبراطورية الفارسية مدينة برسيبولس وفر الملك الفارسي إلى إقليم بقطريا وهناك قتل الملك الفارسي دارا الثالث على يد حاكم بقريا الفارسي عام 330 ق.م. فكانت نهاية الإمبراطورية الفارسية.

5- المرحلة الخامسة: بعد أن حقق الاسكندر المقدوني هدفه من القضاء على الإمبراطورية الفارسية , استمر في حملته العسكرية نحو آسيا الوسطى والهند وأخضعها في عام 327 ق.م. ووصل أقصى ما وصل إليه نهر السند شرقاً قرر بعدها العودة وعاد عن طريق البر حتى وصل عائداً إلى بابل في عام 323 ق.م. واستغرق في حملته العسكرية 12 عاماً.

وفاة الاسكندر المقدوني ومصير الإمبراطورية المقدونية

عدل
      توفي الاسكندر المقدوني في بابل عام 323 ق.م . بعد أن حكم 12عاماً وثمانية شهور ولم لم يتم الثالث والثلاثين , وترك إمبراطورية تمتد في ثلاثة قارات من بلاد اليونان غرباً إلى نهر السند شرقاً وما بين جبال القوقاز وبحر قزوين شمالاً حتى شمال الجزيرة العربية جنوباً بما فيها مصر وضمت إمبراطوريته شعوب وثقافات وحضارات مختلفة.
      عقد قواد جيش الاسكندر المقدوني بعد وفاة مؤتمراً في مدينة بابل واتخذ المجتمعون القرارات التالية :

- المحافظة على وحدة الإمبراطورية وتحت حكم أسرة فيليب الثاني .

- تقسم الإمبراطورية إلى 24 وحدة سياسية يتولى إدارتها قواده العسكريين .

- يصبح القائد كراتيروس وصيا على العرش والقائد برديكاس قائداً عاماً للجيش.

لم تستقر الأمور حسب قرارات مؤتمر بابل فسرعان ما بدأت الصدامات العسكرية والصراع بين قواد الاسكندر المقدوني في الفترة ما بين (323- 301ق.م) أدى إلى تقسم الإمبراطورية إلى ثلاث دول يونانية هي:

أ- دولة البطالمة في مصر (323-30ق.م)

ب- الدولة السلوقية في سوريه وآسيا الصغرى والعراق وإيران والهند في الفترة ما بين (312- 64ق.م)

ج- دولة مقدونيا (الانتيجونية) في بلاد اليونان (312-148 ق.م) .

المراجع

عدل
  • محاضرة تاريخ الرومان واليونان