القانون الدولي الإنساني

الإسلام والقانون الدولي الإنساني

عدل

( الإسلام والقانون الدولي الإنساني) [1]

كان الإسلام سباقاً في مجال حقوق الإنسان سواء في وقت السلم أو في وقت الحرب منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة عام . فمن أهم أهداف الشريعة الإسلامية تحرير الإنسان ورفع شأنه وتوفير أسباب العزة والكرامة والشرف له إمتداداً لتكريم الله – سبحانه وتعالى له الذي أعلن تكريمه وتفضيله لجميع أفراد النوع الإنساني . ويظهر ذلك جلياً في قوله تعالى : ( ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً " الآية 70 من سورة الإسراء " . - وسوف نتناول هذا البحث في المطالب الآتية : المطلب الأول : ماهية الحرب في الإسلام . المطلب الثاني : الباعث على الحرب . المطلب الثالث : الإسلام وقواعد القانون الدولى الإنسانى أثناء الحرب .

- المطلب الأول - - ماهية الحرب في الإسلام -

باستقراء أيات القرآن الكريم التي وردت بشأن الحرب نجد ان الإشارة للحرب فيها وردت بثلاثة ألفاظ مترادفة هي :القتال، والحرب والجهاد0 1-حيث ورد لفظ القتال في مواضع كثيرة من القرآن من ذلك : قوله تعالى : (كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم،وعسى ان تحبوا شيئا وهوشر لكم،والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) -وكذلك قوله تعالى : (وقاتلوا في سبيل الله وإعلموا أن الله سميع عليم) 2-ووردت كلمة الحرب في مواضع عدة : منها قوله تعالى: (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم لاتظلمون ولاتظلمون). وكذلك قوله تعالى: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون) وقد وردت كلمة الجهاد كذلك في أكثر من آية منها قوله تعالى : ( فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً ) .

  • وكما هو واضح نجد أن هذه الألفاظ ترد بمعنى واحد حيث أنها تشترك لغوياً في ذات المعنى : 1 – فكلمة حرب مفرد حروب ، ودار الحرب بلاد المشركين الذين لا يصلح بيننا وبينهم .

2 – وكلمة القتل ورد فيها : القتل معروف وبابه نصر ، ( والمقاتلة ) القتال ، والمقاتلة بكسر التاء القوم الذين يصلحون للقتال . 3 – وورد في الجهاد : يقال جهد الرجل في كذا أي جد فيه وبالغ : جاهد في سبيل الله .مجاهدة . وقد عرف فضيلة الدكتور عبد الله دراز الحرب المشروعة في الإسلام بأنها الحرب الدفاعية . • والجهاد كلمة إسلامية تستعمل بمعنى الحرب عند بقية الأمم . ولفظ الجهاد قد يراد منه جهاد النفس ، ولكن المعنى الشائع للكلمة عند الفقهاء هو معنى الحرب .

-المطلب الثاني - - الباعث على الحــرب -

حرم القرآن حروب التشفي والإنتقام فقال تعإلى : ( ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام ان تعتدوا ) . " سورة المائدة الاية 2 " . كما أنكر الإسلام حروب التخريب والتدمير وحروب الفتح والتوسع والإستعلاء ، فقال تعإلى : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا ) . أما بالنسبة للحرب المشروعة في الإسلام فيمكن القول : إن الباعث عليها ينحصر في ثلاثة أمور : 1 – رد الاعتداء : فالمتتبع لنصوص القرآن وأحكام السنة النبوية في الحرب يرى أن الباعث على القتال ليس هو فرض الإسلام ديناً على المخالفين ، ولا فرض نظام اجتماعى بل كان الباعث على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وحروبه هو دفع الاعتداء . وفي ذلك يقول الله تعالى : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) .

ولقد إتفق جمهور الفقهاء على أن الباعث على القتال هو رد الاعتداء كما تدل على ذلك النصوص المحكمة فلا يقتل شخص لمخالفته الإسلام ( أي لكفره ) وإنما يقتل لاعتداءه على الإسلام . 2 – الإغاثة الواجبة لشعب مسلم أو حليف عاجز عن الدفاع عن نفسه : وهذا ما حث عليه القرآن في قوله تعالى : ( وما لكم لا تقاتلوا في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها وإجعل لنا من لدنك ولياً وإجعل لنا من لدنك نصيراً). على أن يكون العدو قد اتخذ بالفعل موقعاًَ عدائياً وأن يكون في حالة هجوم أو تأهب للهجوم . 3 – إخماد الفتن : كانت الحروب الإسلامية من أجل إخماد الفتنة وتحقيق المصالح الدينية الشرعية ، وفي ذلك يقول الله تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ) . قال الشيخ بن العربي يحتمل من معنى الآية أمران : أحدهما أن يكون المعنى وقاتلوهم حتى لا يكون كفر . والثاني وقاتلوهم حتى لا يفتن أحد عن دينه . ، والمعنى الثاني هو الأقرب للمعنى اللغوى للفتنة . - المطلب الثالث - - الإسلام وقواعد القانون الدولي الإنساني أثناء الحرب -

كانت الحروب قبل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حروب شعوب لا حروب مقاتلين فقط فكان الشعب المحارب يستبيح من الشعب الآخر كل الحرمات في الميدان وفي خارج الميدان وفي أثناء العركة وبعدها وقبلها ما دامت العداوة مستحكمة . وإستمرت الحال كذلك حتى جاء محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بحروبه فأعلن بالأفعال لا بالأقوال أن القتل في الحروب لا يتجاوز الميدان وأن الحرب ليست بين الشعوب إنما هي بين القوات المسيطرة . وأما قبل ظهور الإسلام فقد كان العالم يسوده الظلام والحقد والقسوة والوحشية ، وكانت محاولات تنظيم الحروب وتقليل مخاطرها قليلة ونادرة . وإذا أخذنا منطقة شبه الجزيرة العربية كمثال في هذا الشأن لوجدنا أنه بعد حرب الفجار شهدت قريش توقيع حلف الفضول ، وقد قال بن الأثير : ( …… ثم إن قبائل من قريش تداعت إلى ذلك الحلف ، فتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان لشرفه ونسبه ، وكانوا بنى هاشم وبنى عبد المطلب وبنى أسد بن عبد العزى وزهرة بن كلاب وقيم بن مرة ، فتحالفوا وتعاقدوا ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه ، وكانوا على من ظلمه حتى ترد مظلمته . فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول فشهده رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) ، وقال حين أرسله الله تعالى : - " لقد شهدت مع عمومتى حلفاً في دار عبد الله بن جدعان ما احب أن لى به حمر النعم ولو دعيت به في الإسلام لأجبت " ) قال محمد بن عمر أخبرنى غير الضحاك قال : كان الفجار في شوال وهذا الحلف في ذى القعدة ، وكان أشرف حلف كان قط وأول من دعا إليه الزبير بن عبد المطلب . القيود التي ترد على سير القتال : أما بعد نزول الإسلام فقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) قائداً عظيماً وإنساناً رحيماً حيث نظم قواعد سير القتال والقيود والنواهي التي ترد على سير القتال ومن بعده سار صحابته على نهجه . وإن بين إيدينا وصيتين إحداهما رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) ، والأخرى لخليفته ومنها يتبين قانون الحرب الإسلامية في ميدان القتال : 1 – أما الوصية الأولى فهي قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : لجيش أ رسله " إنطلقوا بإسم الله وبالله وعلى بركة الله ، لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة ، ولا تغلوا وضعوا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " . 2 – وأما الوصية الثانية فهي وصية أبى بكر الصديق ؛ فقد بعث رضى الله عنه يزيد بن ابى سفيان على جيش فخرج معه وهو يوصيه فقال : ( إنى موصيك بعشر فإحفظهن إنك ستلقى قواماً زعموا أنهم قد فرغوا أنفسهم لله في الصوامع فذرهم وما فرغوا له ، وقال : وستلقى أقواماً قد حلقوا أوساط رؤسهم فأفلقوها بالسيف. قال ولا تقتلن مولوداً ، قال ولا امرأة ، قال ولا شيخاً كبيراً ، قال ولا تعقرن شجراً بدا ثمره ولا تحرقن نخلاً ولا تقطعن كرماً ، قال ولا تذبحن بقرة ولا شاة ولا ما سوى ذلك من المواشى إلا لأكل ). - وعلى ذلك نجد ان الإسلام قد وضع قيوداً على المقاتلين أثناء سير القتال وأهمها ما يلى : 1 – منع قتل الأطفال والشيوخ والنساء : لقد نهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) عن قتل الأطفال والشيوخ والنساء ، وذلك لأن هؤلاء لا يشاركون في القتال ، ولقد مر الرسول ( صلى الله عليه وسلم) بعد إحدى المعارك ليتفحص القتلى فرأى امرأة مقتولة فغضب وقال : ( ما كانت هذه لتقاتل ، أدرك خالداً فقل له لا تقتلن عسيفاً ولا ذرية ) . ولقد بلغه قتل بعض الأطفال فوقف يصيح في جنده : فقال : ( ما بال أقوام جاوز بهم القتل حتى قتلوا الذرية ، ألا لا تقتلوا الذرية ، ألا لا تقتلوا الذرية ، ألا لا تقتلوا الذرية ). وروى عن مالك عن نافع عن بن عمر ان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) رأى في إحدى غزواته امرأة مقتولة فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان . 2 – منع قتل العمال : لقد نهى الرسول ( صلى الله عليه وسلم) عن قتل العسفاء وهم العمال الذين لا يحاربون ولا يد لهم في الحرب لأن هؤلاء العمال الذين عكفوا على الزرع أو العمل اليدوى هم بناة العمران ولا يشاركون في الخراب والدمار الذي يسببه المحاربين ولذلك لا يصح أن يكونوا وقوداً للحرب . 3 – منع التخريب . ولقد نهى كذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) عن وعن قطع الشجر والنخل وعن حرقه ، لأن الهدف من الحرب ليس التخريب . ، ولكن يجوز قطع الشجر وهدم البناء إذا إقتضت ظروف الحرب ذلك . 4 – احترام الإنسانية : ولقد كان رسول الله حريصاً على احترام الإنسانية حت في أثناء الحرب : حيث نهى ( صلى الله عليه وسلم) عن التمثيل بالقتلى : مثل تشويه الأجسام وقطع الرؤوس ، فقال ( صلى الله عليه وسلم) : " إياكم والمثلة " وكان ( صلى الله عليه وسلم) ينهى عن القتل بالجوع أو العطش .، ونهى عن تعذيب الجرحى . ، كما أنه ( صلى الله عليه وسلم) كان يأمر بجفن القتلى حتى لا تنالهم الذئاب أو سباع الأرض أو الطير . 5 – منع التخريب دون ضرورة . وفى ذلك قد ورد أن أبا بكر الصديق بعث جيوشاً إلى الشام خرج ليودع يزيد بن أبى سفيان – وكان أحد أمراء الجيش – وقال له موصياً : " إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا انهم حبسوا أنفسهم له ، وستجد قوماً فحصوا عن أوساط رؤسهم من الشعر فإضرب ما فحصوا عنه بالسيف ، وإنى موصيك بعشر : لا تقتلن امرأة ولا صبياً ولا كبيرا هرماً ، ولا تقطعن شجراً مثمراً ، ولا تخربن عامراً ، ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة ، ولا تحرقن نخلاً ولا تغرقنه ، ولا تغلل ، ولا تجبن .

- الإسلام وأسرى الحرب : عندما ظهر الإسلام كان وضع أسرى الحرب في الممالك المجاورة وفي شبه الجزير العربية وفي كل بقاع الأرض لا يخرج عن أحد أمرين : إما قتلهم ، أو إسترقاقهم . ولكن بعد ظهور الإسلام ونزول القرآن الكريم فقد مر موقف الإسلام من الأسرى بمرحلتين : - المرحلة الأولى : وقد بدأت هذه المرحلة بانتهاء غزوة بدر ووجود بعض أسرى الكفار في أيدى المسلمين وهنا شاور رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه فيهم . وفي ذلك في رواية عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال بن عباس : " فلما أسروا الأسارى قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأبى بكر وعمر : ( ما ترون في هؤلاء الأسارى ) فقال أبو بكر : يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( ما ترى يا ابن الخطاب ) قلت لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأي أبو بكر ولكن أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم ، فتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه وتمكنني من فلان – نسيباً لعمر – فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ؛ فهوى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ما قال أبو بكر ولم يهوى ما قلت فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر قاعدين يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني من أي شئ تبكى أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاءً تباكيت بكائكما ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): أبكى للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض على عذابهم أدنى من هذه الشجرة – - وكانت قريبة من النبي { صلى الله عليه وسلم } ) . وفي ذلك نزل قول الله تعالى : ( ما كان لنبي أن يكون له أسر حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم ). سورة الأنفال الآية 67. • وعلى ذلك فقد كان على المسلمين في هذه المرحلة أن يقتلوا الأسرى ولا يقبلوا فيهم فداء ولا مبادلة ، وفي رأي أن هذا الحكم قد جاء نظراً لخطورة المشركين في بداية نشر الدين الإسلامي ونظراً لقلة عدد المسلمين في مواجهة المشركين ، بالإضافة إلى حداثة الدولة الإسلامية . • كما أن هذه المرحلة كانت تتطلب كسر شوكة هؤلاء الكفار بقتلهم وتطهير الأرض منهم حتى لا يعودوا إلى قتال المسلمين مرة أخرى وحتى يكون ذلك رادعاً لكل من تسول له نفسه قتال المسلمين مرة أخرى .

- المرحلة الثانية : أما في هذه المرحلة فقد نسخت الآية السابقة ( الآية 67 من سورة الأنفال وذلك بقوله تعالى : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لإنتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض واللذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم ) - سورة محمد الآية 4 .- وقد قال الإمام جلال الدين السيوطى عند تفسيره للآية 67 من سورة الأنفال : " وقد نسخت هذه بقوله تعالى : ( فإما منا بعد وإما فداء )". وهذا النص القرآنى يخير بين أمرين لا ثالث لهما إما أن يمن القائد أو ولى أمر المسلمين على الأسرى بالحرية فيطلق سراحهم دون فداء وإما أن يفتديهم بمال أو بأسرى مثلهم من المسلمين . وعلى ذلك فإن هذه الآية تكذب كل من يدعى أن الإسلام يحض على قتل الأسرى ومعاملتهم بوحشية حيث أن الإسلام أبعد ما يكون عن ذلك والله سبحانه وتعالى قد وضع قاعدة لمعاملة الأسرى تقوم على المن أو الفداء وليس القتل كما يدعى بعض المغرضين . ، وقد ورد في كتاب شرح السير الكبير للإمام محمد بن الحسن الشيباني : إذا رغب أهل الحرب في مفاداة أسارى المسلمين بالمال فلا ينبغى للمسلمين أن يفادوهم بالأسراء ولا بالكراع والسلاح ، وإن كرهوا المفاداة بالمال ورغبوا فيه بالكراع والسلاح فلا ينبغى لهم أن يفادوهم بالأسراء فإن كرهوا ذلك أيضاً فحينئذ يجوز المفاداة بالأسراء . ، ولو رغبوا في المفاداة بمال عظيم فيه إجحاف بالمسلمين في بيت مالهم فإنه يجوز مفاداتهم بالأسراء دون المال .

  • الخلاصة :

إن قتل الأسرى في الإسلام غير مباح وأنه كان إستثناء لفترة معينة ، وقد تم نسخه بعد ذلك فأصبح حكم الأسرى إما المن أو الفداء ، وأما القتل فهو لا يكون إلا لدفع العدوان ، وعلى ذلك فليس هناك ما يدعوا لقتل الأسرى من الكفار الذين يكونوا قد وقعوا تحت يد المسلمين أثناء الحروب ، ومما يؤيد ذلك أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قد أنكر على خالد بن الوليد قتل أسرى بنى جذيمة . - الأدلة على منع قتل الأسرى في الإسلام : (1) من القرآن : (2) أ – قوله تعإلى : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) . ب – وقوله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً). (3) من السنة : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حث على الرفق بالأسرى فقال : [ إستوصوا بالأسارى خيراً ] وقد أوصى أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسرى. كما أن الرسول عليه الصلاة والسلام أنكر على خالد بن الوليد قتل أسرى بنى جذيمة (4) موقف الفقه : وبهذا أخذ كل من الحسن البصري ، وعطاء ، وحماد بن سلمة ، ومجاهد ، ومحمد بن سيرين ؛ حيث قالوا : لا تقتل الأسرى وإنما يمن على الأسير أو يفادى به كما صنع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأسارى بدر . ، ويدل على ثبوت هذه القاعدة في الشريعة الإسلامية تواتر العمل بها على امتداد التاريخ الإسلامي ؛ من ذلك ما روى عن بن عمر : أن الحجاج أتى بأسير فقال لعبد الله بن عمر : أقدم فاقتله ، فقال بن عمر : ما بهذا أمرنا وتلى الآية في قوله تعالى:( وإما مناً بعد وإما فداء) حسن معاملة الأسرى : لأن الإسلام يحافظ على الكرامة الإنسانية في الحروب ولأنه لا يريد بالحرب إلا رد الاعتداء ، دعا بالرفق بالأسرى ، ولم يعرف التاريخ محارباً رفيقاً بالأسرى كالمسلمين الأولين الذين إتبعوا أوامر دينهم ، ولذا حرص الإسلام على الرفق بالأسرى ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( إستوصوا بالأسارى خيراً ) . وقد أوصى ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسرى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الطعام . - مبادلة الأسرى : جرى العمل خلال تاريخ الدولة الإسلامية على فداء الأسرى عن طريق التبادل ، وتم أول تبادل من هذا القبيل في عهد هارون الرشيد مع البيزنطيين عام 181 هـ كما إقتضت طبيعة العلاقات بين العرب والروم وكثرة الغزوات والمعارك أن يتفق الطرفان بين الحين والحين على وسيلة لتبادل ما لديهم من أسرى .[1]

المراجع

عدل


[1]مقالات في القانون الدولي الإنساني والإسلام| 2007 – عامر الزمالى - اللجنة الدولية للصليب الأحمر- - القاهرة – 2007 [2] http://www.pal-monitor.org/Portal/popup.php?action=printnews&id=10