المستثنى
وأدوات الاستثناء ثمانية: حرف باتفاق وهو إلا واسمان باتفاق وهما غير وسوى بلغاتها، فإنه يقال فيها سوى كرضى و سوى كهدى و سواء كسماء وسواء كبناء؛ و فعلان باتفاق وهما ليس ولا يكون ؛ ومتردد بين الفعلية والحرفية وهو خلا عدا وحاشا، ويقال فيها حاش، وحَشى. فالمستثنى بإلا ينصب إذا كان الكلام تاماً موجباً، والتام هو ما ذكر فيه المستثنى منه والموجب (المثبت) هو: الذي لم يتقدم عليه نفي ولا شبهه نحو قوله تعالى: فشربوا منه إلا قليلاًن وكقولك قام القوم إلا زيداَ وخرج الناس إلا عمراً، وسواء كان الاستثناء متصلا كما مثلنا، أو منقطعاً نحو: قام القوم إلا حماراً وإن كان الكلام تاماً غير موجب جاز في المستثنى البدل والنصب على الاستثناء، والأرجح في المتصل البدل، أي المستثنى بدلا من المستثنى منه فيتبعه في إعرابه نحو قوله تعالى: { مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ } (66) سورة النساء؛ والمراد بشبه النفي النهي نحو: { وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ } (81) سورة هود، والاستفهام نحو: {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} (56) سورة الحجر.
والنصب في المستثنى المتصل عربي جيد، وقرئ به في السبع في قليل وامرأتك؛ وإن كان الاستثناء منقطعاً فالحجازيون يوجبون النصب نحو: { مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ } (157) سورة النساء، وتميم يرجحونه ويجيزون الإتباع نحو ما قام القوم إلا حماراً وإلا حمارٌ.
وإن كان الكلام ناقصاً وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه ويسمى استثناء مفرغاً، كان المستثنى على حسب العوامل، فيعطى ما يستحقه لو لم توجد إلا، وشرطه كون الكلام غير إيجاب نحو: ما قام إلا زيد، وما رأيت إلا زيداً، وما مررت إلا بزيد، وكقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ } (144) سورة آل عمران، { وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ } (171) سورة النساء؛ {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (46) سورة العنكبوت؛والمستثنى بغير وسوى بلغاتها مجرور بالإضافة،و يعرب غير وسوى بما يستحقه المستثنى بإلا فيجب نصبها نحو: قاموا غيرّ زيدٍ أو سوى زيدٍ، ويجوز الإتباع والنصب كما في نحو: ما قاموا غيرَُ َ زيدٍ أو سوى زيدٍ؛ ويعربان بحسب العوامل في نحو: ما قام غيُر زيد وسوى زيد، و ما رأيت غيرَ زيدَ، وما مررت بغيرِ زيدٍ؛ وإذا مدت سوى كان إعرابها ظاهراً؛ فإذا قصرت كإعرابها مقدراً على الألف؛ والمستثنى بليس ولا يكون منصوب لا غير نحو:قام القوم ليس زيداً، والمستثنى بخلا وعدا وحاشا يجوز جره ونصبه بها نحو: قام القوم خلا زيداً وخلا زيدٍ بالجر، وعدا زيداً وعدا زيدٍ وحاشا زيداً وحشا زيدٍ؛ وإن جررت فهي حروف جر، وإن نصبت فهي أفعال؛ إلا أن سيبويه لم يسمع في المستثنى بحاشا إلا الجر؛ وتتصل ما بعدا وخلا فيتعين النصب ولا تتصل ما بحاشا تقول: قام القوم ما عدا زيداً وقال لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل