معنى تفسير القرآن اصطلاحا

التفسير في الإصطلاح

عدل

التفسير في الاصطلاح: هو اسم للعلم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن وما يستفاد منها.

موضوع التفسير

عدل

موضوع التفسير: ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه وما يستنبط منه.

وبهذه الحيثية خالف علم القراءات لأن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات وحيثيات الموضوعات.

عد علم التفسير أحد علوم القرآن

عدل

في عد التفسير أحد علوم القرآن تسامح إذ العلم إذا أطلق،

  1. إما أن يراد به نفس الإدراك : نحو قول أهل المنطق: العلم إما تصور وإما تصديق.
  2. إما أن يراد به الملكة المسماة بالعقل
  3. إما أن يراد به التصديق الجازم : وهو مقابل الجهل، وهذا غير مراد في عد العلوم،
  4. إما أن يراد بالعلم المسائل المعلومات : وهي مطلوبات خبرية يبرهن عليها في ذلك العلم وهي قضايا كلية، ومباحث هذا العلم ليست بقضايا يبرهن عليها فما هي بكلية، بل هي تصورات جزئية غالبا لأنه تفسير ألفاظ أو استنباط معان.

تفسير الألفاظ والإستنباط

عدل

تفسير الألفاظ هو من قبيل التعريف اللفظي وأما الاستنباط فمن دلالة الالتزام وليس من القضية.

مثال تفسير الألفاظ

عدل

إذا قلنا إن يوم الدين في قوله تعالى: (ملك يوم الدين) [الفاتحة: 4] هو يوم الجزاء.

مثال الإستنباط

عدل

إذا قلنا إن قوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) [الأحقاف: 15]

مع قوله: (وفصاله في عامين) [لقمان: 14]

يؤخذ منه أن أقل الحمل ستة أشهر عند من قال ذلك، لم يكن شيء من ذلك قضية،

وجوه عد تفسير ألفاظ القرآن علم مستقل عن الإستنباط

عدل

عد العلماء تفسير ألفاظ القرآن علما مستقلا عن الإستنباط لواحد من وجوه ستة:[1]

الوجه الأول

عدل

أن مباحثه لكونها تؤدي إلى استنباط علوم كثيرة وقواعد كلية، نزلت منزلة القواعد الكلية لأنها مبدأ لها ومنشأ، تنزيلا للشيء منزلة ما هو شديد الشبه به بقاعدة ما قارب الشيء يعطى حكمه، ولا شك أن ما تستخرج منه القواعد الكلية والعلوم أجدر بأن يعد علما من عد فروعه علما، وهم قد عدوا تدوين الشعر علما لما في حفظه من استخراج نكت بلاغية وقواعد لغوية.

الوجه الثاني

عدل

أن نقول: إن اشتراط كون مسائل العلم قضايا كلية يبرهن عليها في العلم خاص بالعلوم المعقولة، لأن هذا اشتراط ذكره الحكماء في تقسيم العلوم، أما العلوم الشرعية والأدبية فلا يشترط فيها ذلك، بل يكفي أن تكون مباحثها مفيدة كمالا علميا لمزاولها، والتفسير أعلاها في ذلك، كيف وهو بيان مراد الله تعالى من كلامه، وهم قد عدوا البديع علما والعروض علما وما هي إلا تعاريف لألقاب اصطلاحية.

الوجه الثالث

عدل

أن التعاريف اللفظية تصديقات على رأي بعض المحققين فهي تؤول إلى قضايا، وتفرع المعاني الجمة عنها نزلها منزلة الكلية، والاحتجاج عليها بشعر العرب وغيره يقوم مقام البرهان على المسألة، وهذا الوجه يشترك مع الوجه الأول في تنزيل مباحث التفسير منزلة المسائل، إلا أن وجه التنزيل في الأول راجع إلى ما يتفرع عنها، وهنا راجع إلى ذاتها مع أن التنزيل في الوجه الأول في جميع الشروط الثلاثة وهنا في شرطين، لأن كونها قضايا إنما يجيء على مذهب بعض المنطقيين.

الوجه الرابع

عدل

إن علم التفسير لا يخلو من قواعد كلية في أثنائه مثل تقرير قواعد النسخ عند تفسير (ما ننسخ من آية..) [البقرة: 106] وتقرير قواعد التأويل عند تقرير (وما يعلم تأويله ...) [آل عمران: 7] وقواعد المحكم عند تقرير (منه آيات محكمات ...) [آل عمران: 7] ، فسمي مجموع ذلك وما معه علما تغليبا، وقد اعتنى العلماء بإحصاء كليات تتعلق بالقرآن، وجمعها ابن فارس، وذكرها عنه في «الإتقان» وعني بها أبو البقاء الكفوي في «كلياته» ، فلا بدع أن تزاد تلك في وجوه شبه مسائل التفسير بالقواعد الكلية.

الوجه الخامس

عدل

أن حق التفسير أن يشتمل على بيان أصول التشريع وكلياته فكان بذلك حقيقا بأن يسمى علما ولكن المفسرين ابتدأوا بتقصي معاني القرآن فطفحت عليهم وحسرت دون كثرتها قواهم، فانصرفوا عن الاشتغال بانتزاع كليات التشريع إلا في مواضع قليلة.

الوجه السادس

عدل

أن التفسير كان أول ما اشتغل به علماء الإسلام قبل الاشتغال بتدوين بقية العلوم، وفيه كثرت مناظراتهم وكان يحصل من مزاولته والدربة فيه لصاحبه ملكة يدرك بها أساليب القرآن ودقائق نظمه، فكان بذلك مفيدا علوما كلية لها مزيد اختصاص بالقرآن المجيد، فمن أجل ذلك سمي علما.

نسبة علم التفسير إلى أصول علوم الشريعة

عدل

ويظهر أن هذا العلم أن أخذ من حيث أنه بيان وتفسير لمراد الله من كلامه كان معدودا من أصول العلوم الشرعية وهي التي ذكرها الغزالي في الضرب الأول من العلوم الشرعية المحمودة من كتاب «الإحياء» ، لأنه عد أولها الكتاب والسنة، ولا شك أنه لا يعنى بعلم الكتاب حفظ ألفاظه بل فهم معانيها وبذلك صح أن يعد رأس العلوم الإسلامية كما وصفه البيضاوي بذلك، وإن أخذ من حيث ما فيه من بيان مكي ومدني، وناسخ ومنسوخ، ومن قواعد الاستنباط التي تذكر أيضا في علم أصول الفقه من عموم وخصوص وغير هما كان معدودا في متممات العلوم الشرعية المذكورة في الضرب الرابع من كلام الغزالي[2] ، وبذلك الاعتبار عد فيها إذ قال: «الضرب الرابع المتممات وذلك في علم القرآن ينقسم إلى ما يتعلق باللفظ، كعلم القراءات، وإلى ما يتعلق بالمعنى كالتفسير فإن اعتماده أيضا على النقل، وإلى ما يتعلق بأحكامه كالناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، وكيفية استعمال البعض منه مع البعض وهو العلم الذي يسمى أصول الفقه» وهو بهذا الاعتبار لا يكون رئيس العلوم الشرعية.

المراجع

عدل
  1. التحرير والتنوير لإبن عاشور
  2. حيث قسم العلوم إلى شرعية وغيرها، وقسم الشرعية إلى محمودة ومذمومة، وقسم المحمودة منها إلى أضرب أربعة: أصول وفروع ومقدمات ومتممات، فالأصول الكتاب والسنة والإجماع وآثار الصحابة، والثاني الفروع وهو ما فهم من الأصول، وهو الفقه وعلم أحوال القلوب، والثالث المقدمات كالنحو واللغة، والرابع المتممات للقرآن وللسنة وللآثار وهي القراءات والتفسير والأصول وعلم الرجال وليس في العلوم الشرعية مذموم إلا عرضا، كبعض أحوال علم الكلام، وبعض الفقه الذي يقصد للتحيل ونحوه. [.....]