معنى التوحيد عند الفلاسفة
|
تعريف التوحيد عند الفلاسفة
عدلالتوحيد عند الفلاسفة[1] هو نفسه تعريف الواحد أو الوحدة عندهم،
تعريف ابن سينا
عدلتعريف ابن سينا [2] للواحد يقول فيه:"فقد ظهر لنا أن للكل مبدأ واجب الوجود، غير داخل في جنس [3] ، أو واقع تحت حد [4] ، أو برهان[5] ،بريئا عن الكم [6]، والكيف [7]، والماهية [8]، والأين[9] ،والمتى[10]، والحركة[11]، لا ند له، ولا شريك، ولا ضد له، وأنه واحد من جميع الوجوه، لأنه غير منقسم، لا في الأجزاء بالفرض والوهم، كالمتصل، ولا في العقل بأن تكون ذاته مركبة من معان عقلية متغايرة يتحد بها جملته وأنه واحد من حيث هو غير مشارك ألبته في وجوده الذي له، فهو بهذه الوجوه فرد، وهو واحد لأنه تام الوجود، ما بقي له شيء ينتظر حتى يتم وقد كان هذا أحد وجوه الواحد، وليس الواحد فيه إلا على الوجه السلبي".[12]
تعريف ابن رشد
عدليقول ابن رشد [13] عن الواحد: "هو الذي لا يتجزأ إما في الكمية، وإما في الصورة[14] والكيفية".[15]
نقد تعريف الفلاسفة للتوحيد
عدلالمصدر: "الألفاظ والمصطلحات المتعلقة بتوحيد الربوبية. تأليف:د.آمال العمرو." ينتقد على تعريفهم للواحد كثرة المصطلحات الغريبة، فكل كلمة في تعريفهم تحتاج إلى تعريف، ويلاحظ بُعد معنى تلك الألفاظ عن ما هو معروف في لغة العرب، بل بعضها ليس من لغة العرب.
فهذه العبارات المجملة، المشتبهة، حقيقتها يقول عنها ابن القيم : "هو إنكار ماهية الرب الزائدة على وجوده، وإنكار صفات كماله، وأنه لا سمع له، ولا بصر، ولا قدرة ولا حياة، ولا إرادة ولا كلام ولا وجه، ولا يدين، وليس فيه معنيان متميز أحدهما عن الآخر البتة، قالوا: لأنه لو كان كذلك لكان مركباً، وكان جسماً مؤلفاً، ولم يكن واحداً من كل وجه، فجعلوه من جنس الجوهر الفرد [16]، الذي لا يحس، ولا يرى، ولا يتميز منه جانب عن جانب، بل الجوهر الفرد يمكن وجوده".[17]
فهم يريدون نفي صفات الله، بل تعطيل وجوده، ولذلك نجد أنهم يقولون إن الصفات ترجع إلى الذات، لا إلى معنى غيرها زائد عليها، وأن علمه هو إرادته، وهو بعينه أيضاً رضاه.[18]
يقول الإمام ابن تيمية معلقاً على تعريف ابن سينا لوحدانية الله: "ومقصود هذه العبارات أنه ليس لله صفة ولا له قدرة".[19]
ويقول الغزالي:[20] "وما ذكروه يشتمل على نفي الصفات، ونفي الكثرة فيها، وذلك مما يخالفون فيه".[21]
المراجع والهوامش
عدل- ↑ الفلسفة كلمة يونانية أصلها "فيلوسوفيا" وتفسيرها محبة الحكمة، وقيل معناها التشبه بأفعال الله حسب طاقة الإنسان، والفلاسفة - كما يقول ابن القيم رحمه الله - في عرف كثير من الناس صار مختصاً بمن خرج عن ديانات الأنبياء، ولم يذهب إلا لما يقتضيه العقل في زعمه، وهي في عرف المتأخرين: اسم لأتباع أرسطو وهم المشاؤون خاصة، الذين هذب ابن سينا طريقتهم وبسطها، ومن مقولاتهم القول بقدم العالم، وإنكار علم الرب وإنكار بعث الأجساد، والملائكة عندهم هي العقول، وقد ذكر الغزالي أصناف الفلاسفة وهم الدهرية والطبيعيون والإلهيون، وقال عنهم: وهم على كثرة أصنافهم يلزمهم سمة الكفر والإلحاد، كما كفر أتباعهم من المنتسبين إلى الإسلام. انظر: الملل والنحل للشهرستاني 2/58، 158، وما بعدها، إغاثة اللهفان لابن القيم 2/256 - 261، المعجم الفلسفي لجميل صليبا 2/160 - 162، المنقذ من الضلال للغزالي ص19 - 20، رسالة الحدود والرسوم للكندي ضمن كتاب المصطلح الفلسفي عند العرب للدكتور عبد الأمير الأعسم ص197.
- ↑ أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا الملقب بالشيخ الرئيس، ألف في الطب والمنطق والطبيعيات والإلهيات، من كتبه الشفا، والقانون، وأخبر ابن سينا عن نفسه أن أهل بيته كانوا من الإسماعيلية الملاحدة، وأنه إنما اشتغل بالفلسفة بسبب ذلك فإنه كان يسمعهم يذكرون العقل والنفس. وقد أخذ علومه عن بعض الملاحدة المنتسبين للإسلام كالإسماعيلية، توفي سنة 428للهجرة. انظر: الرد على المنطقيين لابن تيمية ص 141 - 143، الأعلام2/261 - 262.
- ↑ الجنس هو كلي يحمل على أشياء مختلفة الذوات والحقائق في جواب ماهو. انظر: النجاة لابن سينا 1/15،معيار العلم للغزالي ص 77.
- ↑ الحد يعرفه ابن سينا بأنه القول الدال على ماهية الشيء، أي كمال وجوده الذاتي. انظر: الحدود لابن سينا ضمن المصطلح الفلسفي للأعسم ص 239، وسيأتي تفصيل معنى الحد ص114من البحث وما بعدها.
- ↑ البرهان عبارة عن قياس يقيني المادة. انظر: النجاة 1/83، المبين في شرح معاني ألفاظ الحكماء والمتكلمين للآمدي ص 90.
- ↑ الكم: عبارة عما يفيد التقدير والتجزئة لذاته. انظر: معيار العلم ص307، المبين ص 110.
- ↑ الكيف: عبارة عن هيئة قارة للجوهر لا يوجب تعقلها تعقل أمر خارج عنها وعن حاملها، ولا يوجب قسمة ولا نسبة في أجزائها وأجزاء حاملها. انظر: معيار العلم ص309، المبين ص 111.
- ↑ الماهية: ماهية الشيء ما به يجاب عن السؤال بما هو؟ ويفسره بما به الشيء هو هو. انظر: شرح المقاصد للتفتازاني 1 /399،
- ↑ الأين: عبارة عن حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى مكانه. انظر: معيار العلم ص312، المبين ص 112.
- ↑ المتى: عبارة عن حالة تحصل للجسم بسبب نسبته إلى زمانه، انظر: معيار العلم ص313، المبين ص 112.
- ↑ الحركة: عبارة عن كمال أول بالقوة، من جهة ماهو بالقوة، أو هو خروج من القوة إلى الفعل لا في آن واحد. انظر: معيار العلم ص293.
- ↑ النجاة لابن سينا 2/108، وانظر: الفارابي في حدوده ورسومه للدكتور جعفر آل ياسين ص 639.
- ↑ أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي، ولد سنة 520هجرية، واشتغل بالفلسفة، وكانت له عناية بكتب أرسطو فشرح الكثير منها، من ذلك "شرح مابعد الطبيعة" أو "تفسير ما بعد الطبيعة" لأرسطو، ومن كتبه "تهافت التهافت"، "فصل المقال في مابين الشريعة والحكمة من الاتصال" وهو الكتاب الذي حاول فيه أن يقرب بين الدين والفلسفة، توفي سنة 594هـ، وقيل 595هـ. انظر: الديباج المذهب لابن فرحون 2/257، السير21/307، شذرات الذهب 4/320.
- ↑ الصورة: عبارة عن أحد جزئي الجسم وهو حال في الجزء الآخر منه. انظر: المبين ص 109، وعند ابن سينا الصورة اسم مشترك يقال على معان: الأول: النوع وهو المقول على كثيرين في جواب ماهو. والثاني: أنها كل موجود في شيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه دونه كيف كان. الثالث: أنه الموجود في الشيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه دونه ولأجله وجد الشيء مثل العلوم والفضائل للإنسان. الرابع: أنه الموجود في شيء آخر لا كجزء منه ولا يصح وجوده مفارقا له ولكن وجود ما هو فيه بالفعل خاصا به، مثل صورة النار في هيولى النار. الخامس: أنه الموجود في شيء لا كجزء منه ولا يصح قوامه مفارقا له ويصح قوام ما فيه دونه إلا أن النوع الطبيعي يحصل به كصورة الإنسانية والحيوانية في الجسم الطبيعي الموضوع له. وربما قيل إنه صورة للكمال المفارق مثل النفس فحده أنه جزء غير جسماني مفارق يتم به وبجزء جسماني نوع طبيعي. انظر: الحدود لابن سينا ص 243 - 244، معيار العلم ص 286 - 287.
- ↑ تفسير ما بعد الطبيعة لابن رشد ص 547.
- ↑ الجوهر الفرد هو جوهر لا يقبل التجزي، وهو الذي يسمونه الجزء الذي لا يتجزأ. انظر: المبين ص109 - 110،
- ↑ الصواعق المرسلة 3/929، وانظر: بيان تلبيس الجهمية 1 /464 - 465، مدارج السالكين 3/447، مجموع الفتاوى 6/516 - 517.
- ↑ التعليقات للفارابي ص 37، الحدائق في المطالب الفلسفية العويصة للبطليوسي ص 102.
- ↑ بيان تلبيس الجهمية 1/465، وانظر: الرد على المنطقيين ص 214.
- ↑ محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد فيلسوف أصولي متصوف، له نحو مئتا مصنف منها إحياء علوم الدين، تهافت الفلاسفة، توفي سنة 505 هـ، وكتب الكثيرون في سيرته، انظر: وفيات الأعيان 4/216، شذرات الذهب 4/10، الأعلام 7/23.
- ↑ معيار العلم ص 275.
الألفاظ والمصطلحات المتعلقة بتوحيد الربوبية،د. آمال العمرو.