معنى التوحيد عند المتكلمين

التوحيد عند المتكلمين [1] يدور على العلم والإقرار، وأن الوحدانية عندهم صفة سلبية، فهي تنفى عن الله ولكن لا تثبت شيئاً من الصفات، والمثبتة منهم يثبتون بعض الصفات لا كلها، ولا يذكرون التوحيد العملي وهو توحيد الألوهية، فهم وإن ذكروا الألوهية أو الإله في تعريفاتهم، فإنما يريدون به القادر على الاختراع.[2]


تعريف التوحيد عند المتكلمين

عدل
  1. يقول الرازي[3] في تعريف التوحيد: "هو عبارة عن الحكم بأن الشيء واحد، وعن العلم بأن الشيء واحد، يقال: وحدته إذا وصفته بالوحدانية".[4]
  2. قال الجرجاني[5] في تعريف التوحيد : "التوحيد ثلاثة أشياء: معرفة الله - تعالى - بالربوبية، والإقرار له بالوحدانية، ونفي الأنداد عنه جملة".[6]
  3. ويعرف القاضي عبد الجبار [7] التوحيد في اصطلاح المتكلمين فيقول: "أما في اصطلاح المتكلمين فهو العلم بأن الله - تعالى - واحد لا يشاركه غيره فيما يستحق من الصفات نفياً وإثباتاً على الحد الذي يستحقه، والإقرار به".[8]

نقد تعريف المتكلمين

عدل

قال ابن تيمية: "إن ما فسر به هؤلاء اسم الواحد من هذه التفاسير التي لا أصل لها في الكتاب، والسنة، وكلام السلف والأئمة، باطل بلا ريب شرعاً وعقلاً ولغة. أما في اللغة فإن أهل اللغة مطبقون على أن معنى الواحد في اللغة ليس هو الذي لا يتميز جانب منه عن جانب، ولا يرى منه شيء دون شيء، إذ القرآن ونحوه من الكلام العربي متطابق على ما هو معلوم بالاضطرار في لغة العرب وسائر اللغات، أنهم يصفون كثيراً من المخلوقات بأنه واحد ويكون ذلك جسماً..وإذا كان أهل اللغة متفقين على تسمية الجسم الواحد واحداً، امتنع أن يكون في اللغة معنى الواحد: الذي لا ينقسم إذا أريد بذلك أنه ليس بجسم وأنه لا يشار إلى شيء منه دون شيء..بل لا يوجد في اللغة اسم واحد إلا على ذي صفة ومقدار" [9]

وقال أيضاً: "وليس المراد بالإله هو القادر على الاختراع، كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين، حيث ظن أن الإلهية هي القدرة وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع دون غيره، فقد شهد أن لا إله إلا هو" [10]

المراجع والهوامش

عدل
  1. المتكلمون نسبة إلى علم الكلام وهو - كما يعرفونه - "علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، والرد على المنحرفين في الاعتقادات"، وفي سبب تسميته بهذا الاسم يذكر المتكلمون عدة أقوال منها: أنهم يعنونون للمسائل بقولهم الكلام في كذا، وقيل لأن أشهر مباحثه الكلامية صفة الكلام، وقيل لكثرة الكلام فيه مع المخالفين والرد عليهم. ويدخل تحت مصطلح المتكلمين كثير من الفرق التي اتخذت المنهج الكلامي طريقاَ لها في باب الاعتقاد؛ كالجهمية والمعتزلة والأشاعرة وغيرها، وقد ذم السلف والأئمة أهل الكلام المحدث المخالف للكتاب والسنة إذ كان فيه من الباطل في الأدلة والأحكام ما أوجب تكذيب بعض ما أخبر به الرسول. انظر: شرح المقاصد للتفتازاني1/164، مقدمة ابن خلدون ص400، المدخل إلى دراسة علم الكلام للدكتور حسن الشافعي ص13 - 21، 27 - 28، العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص72، درء التعارض1/232، بيان تلبيس الجهمية1/101.
  2. أصول الدين للبغدادي ص123، شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص 124 - 125، الملل والنحل للشهرستاني 1/100.
  3. محمد بن عمر بن الحسين بن علي القرشي البكري المعروف بالفخر الرازي، من أئمة الأشاعرة المتأخرين، له مصنفات كثيرة منها: المطالب العالية، الأربعين، أساس التقديس، ويذكر عنه أنه ندم قبل وفاته على اشتغاله بعلم الكلام، ورجع إلى طريقة السلف، توفي سنة 606هجرية. انظر: شذرات الذهب 5/21، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 11/79.
  4. المطالب العالية للرازي 3/262، وانظر: شرح أسماء الله الحسنى للرازي ص 315 - 316.
  5. علي بن محمد بن علي، المعروف بالشريف الجرجاني، فيلسوف من أئمة المتكلمين، ومن كبار العلماء بالعربية، من مؤلفاته: التعريفات، شرح مواقف الآيجي، توفي سنة 816 هجرية، انظر: الأعلام 5/7.
  6. التعريفات للجرجاني ص 99.
  7. أبو الحسن القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني الأسدبادي، ولد سنة 325 هجرية، وعاش في بغداد إلى أن عينه الصاحب بن عباد قاضياً بالري سنة 367 هجرية، شافعي المذهب، ويعد بوجه عام آخر علماء المعتزلة النابهين، توفي بالري سنة 415 هجرية، من مؤلفاته تنزيه القرآن عن المطاعن، وشرح الأصول الخمسة. انظر: المنية والأمل لابن المرتضى ص 93، طبقات الشافعية للسبكي 5/97.
  8. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 128.
  9. بيان تلبيس الجهمية1/482 - 483، وانظر: درء تعارض العقل والنقل1/113 - 114، والتسعينية ضمن الفتاوىالكبرى5/203.
  10. التدمرية ص185 - 186، وانظر: درء التعارض 1/226، 9/377، اقتضاء الصراط المستقيم 2/855.